كيف تصنع ايديولوجيتك

ايديولجيتك = مبدأك = افكارك = شخصيتك = مستقبلك

ابحث عن المعنى الغائب هنـــــــــا

الأربعاء، 11 أغسطس 2010

موجز رأس المال 4


إن قياس القيم بالنقد، بشكل السعر، يفترض ضرورة الاغتراب، وأن التسعير المثالي يفترض الفعلي. ومن هنا التداول.
(ب) وسيط التداول:
1) تحول السلع.
الصيغة البسيطة: سلعة – نقد – سلعة.
محتواها المادي = سلعة – سلعة. القيمة التبادلية هنا مستغنى عنها، والقيمة الاستعمالية مستولى عليها.
الوجه الأول: سلعة – نقد = بيع، وتتطلب العملية شخصين، من هنا ينشأ احتمال الفشل، أي البيع أدنى من القيمة أو أدنى من كلفة الإنتاج فيما لو تغيرت القيمة الاجتماعية للسلعة.
«إن تقسيم العمل يحول نتاج العمل إلى سلعة، وبذلك يجعل من الضروري تحويلها إلى نقد». ويجعل الحصول على هذا الغنى الفاحش، في ذات الوقت، عرضيا محضا (ص 67«ص 108»). ولكن لدى تأمل الظاهرة في شكلها النقي، نرى أن «سلعة - نقد» تفترض سلفا أن مالك النقد (ما لم يكن منتجا للذهب) قد حصل على النقد عبر تبادل سلع أخرى من قبل، والحالة ليست معكوسة بالنسبة للمشتري في حالة «نقد - سلعة» بل أن العملية تفترض بأنه قد قام بالبيع من قبل.. الخ بحيث لدينا سلسلة لا تنتهي من عمليات البيع والشراء.
والشيء ذاته يجري في الحالة الثانية نقد – سلعة، أي الشراء، الذي هو بيع للطرف الآخر في ذات الوقت. إن المسار الكلي للعملية، على هذا الأساس، إن هو إلا دائرة من الشراءات والبيوع. إنه دوران السلع. وهذا يختلف تمام الاختلاف عن التبادل المباشر للمنتوجات، فهناك أولا: القيود الفردية والمحلية للتبادل المباشر للمنتوجات التي تم تحطيمها، ثم هناك قوة العمل البشرية التي أصبح بالامكان إعادة إنتاجها، ومن جهة ثانية، يظهر أن العملية بأجمعها تتوقف على العلاقات الاجتماعية التي تنمو نموا تلقائيا مستقلا عن إرادة الفاعلين. (ص 72 «ص 112»).
كان التبادل البسيط يتميز باعتباره عملا تبادليا واحدا، حيث يتبادل الجميع سلعا بلا قيمة استعمالية لهم مقابل سلع ذات قيمة استعمالية، إن دوران السلع يسير بصورة غير محدودة. (ص 73 «ص112»).
إليكم الدوغما الاقتصادية الزائفة:
إن دوران السلع يقتضي توازنا ضروريا بين البيع والشراء، لأن كل شراء هو بيع أيضا، والعكس صحيح، وهذا يعني أن كل بائع يجلب معه المشتري إلى السوق.
1) من الجهة الأولى أن البيع والشراء هما عمل متماثل لاثنين (شخصين) يقفان في قطبين متناقضين (القطبان هما نهايتا محور)، وهما من جهة ثانية عملان يقعان في قطبين متناقضين لنفس الشخص. من هنا فإن جوهر الشراء والبيع يفترض بأن السلعة تكون عديمة الفائدة ما لم يتم بيعها، كما تفترض أن هذه الحالة محتملة الوقوع.
2) إن سلعة – نقد، كعملية جزئية، هي، بصورة مماثلة، عملية مستقلة تفترض أن مالك النقد بوسعه أن يختار الوقت الذي يشاء لتحويل نقده، من جديد، إلى سلعة. إن بوسعه الانتظار.
إن الوحدة الداخلية للعمليتين المستقلتين سلعة – نقد ونقد – سلعة تتحرك في تناقض خارجي بسبب استقلال هذه العمليات بالضبط، وعندما تصل هذه العمليات المقيدة إلى حدود معينة من الاستقلال فإن وحدتها تعبر عن نفسها بالأزمة.
من هنا فإن احتمال وقوع الأزمة موجود هنا سلفا. وما دام النقد وسيلة لدوران السلع، فهو إذن وسيط التداول.
2 ) تداول النقد.
إن النقد هو الواسطة التي تدخل بها كل سلعة مفردة إلى التداول أو تخرج منه. ولكن النقد يبقى كما هو عليه. ولهذا، بالرغم من أن تداول النقد هو تعبير عن تداول السلع، فإن تداول السلع يبدو ظاهريا على أنه نتيجة لتداول النقد. وما دام النقد يظل دائما في نطاق التداول (الدوران) فالسؤال المهم هو: ما هي كمية النقد الموجودة فيه؟
إن كمية النقد اللازمة للتداول تتحدد بمجموع أسعار السلع (مع بقاء قيمة النقد ثابتة) وهذه بدورها تتحدد بكمية السلع المتداولة. وإذا افترضنا أن كمية السلع محددة فإن كمية النقد المتداول تتذبذب بتذبذب أسعار السلع. وما دامت نفس القطعة النقدية تقوم بدور الوسيط في عدد من الصفقات على التوالي في وقت معين وفي فترة زمنية محددة فإن:
مجموع أسعار السلع
ـــــــــــــــــــــــــــــــ = كمية النقد الذي يؤدي عدد الانتقالات التي وظيفة وسيط التداول.
تؤديها قطعة النقد.
(ص 80 «ص 120»).
وعليه يمكن للنقد الورقي أن يزيح النقد الذهبي فيما لو أدخل في تداول مشبع.
وما دام تداول النقد ليس إلا انعكاسا ليسر دوران السلع، فإن سرعة هذا التداول تعكس التبدل في شكل السلع، ركودها، انفصال الشراء عن البيع، الخمود الاجتماعي في صنع الحياة. إن مصدر هذا الركود لا يمكن أن يرى من التداول نفسه الذي لا يبرز للعيان إلا الظواهر. أما الجهلة فيعزون ذلك إلى النقص الكمي في وسيط التداول (ص 81 «ص 121»).
وعليه:
(1) إذا بقيت أسعار السلع ثابتة، فإن كمية النقد اللازمة للتداول ترتفع لدى ازدياد كمية السلع المتداولة أو لدى تباطؤ سرعة دوران النقد، وبعكسه تهبط كمية النقد المتداول.
(2) عند ارتفاع أسعار السلع بشكل عام تبقى كمية النقد المتداول ثابتة إذا انخفضت كمية السلع أو ازدادت سرعة التداول بنفس النسبة.
(3) لدى هبوط أسعار السلع هبوطا عاما فيحدث نقيض الحالة رقم (2). وبصورة عامة فإن هناك معدلا ثابتا نوعا ما، تشتق منه بالذات الانحرافات التي تحدث نتيجة للأزمة.
3) العملة رموز القيمة
تقوم الدولة بتثبيت مستوى الأسعار، إضافة إلى تسمية قطع معينة من الذهب – العملة، وسكها، وفي السوق العالمية. تخلع العملة رداءها الوطني الخاص من جديد (لا يهم هنا ما يرسم على العملة) بحيث لا تعود تختلف بشيء عن السبيكة الذهبية إلا في الشكل. غير أن العملة تبلى خلال الدوران، وعليه فإن الذهب كوسيط للتداول يختلف عن الذهب كوحدة لقياس الأسعار. وتصبح العملة، أكثر فأكثر، مجرد رمز لمحتواها الرسمي.
ومن هذا الاحتمال الكامن في النقد المعدني تنشأ الحاجة للاستعاضة عنه بإشارات أو رموز. وعليه فإن:
(1) يمنع حلول العملية الفضية والنحاسية بصورة دائمية محل النقود الذهبية الحقيقية وذلك بتحديد الكمية التي تكون فيها سعرا قانونيا. إن المحتوى المعدني لهذه العملة محدد بشكل اعتباطي عن طريق القانون، ولهذا فإن وظيفتها كعملة تصبح مستقلة عن قيمتها. ولهذا فإن تحولها إلى رموز عديمة القيمة تماما أمر جائز.
(2) النقود الورقية، أي النقود الورقية التي تصدرها الدولة التي يكون تداولها إلزاميا. (أوراق الائتمان لن تبحث هنا الآن). بقدر ما تظل النقود الورقية تدور فعلا محل النقد الذهبي، فإنها تخضع لقوانين تداول النقد. إلا أن النسبة التي تحل بها النقود الورقية محل الذهب يمكن أن تخضع لقانون خاص، وهو: أن إصدار النقود الورقية ينبغي أن يتحدد بالكمية المتداولة من الذهب الذي تمثله. إن درجة إشباع التداول تتذبذب دوما، إلا أن التجربة، في كل مكان، تعين الحد الأدنى الذي لا تهبط إلى أدنى منه. هذا الحد الأدنى قابل للإصرار. وإذا ما صدرت عملة ورقية أكثر من الحد الأدنى، فإن نسبة منها تصبح فائضة حالما تهبط درجة الإشباع إلى حدها الأدنى. وفي هذه الحالة فإن المقدار الكلي للنقود الورقية في عالم السلعة لا تمثل إلا كمية الذهب التي تثبتها القوانين الذاتية لهذا العالم. وهكذا إذا كان مقدار النقد الورقي يمثل ضعف كمية الذهب الذي يستوعبه التداول، فإن كل قطعة ورقية تنخفض إلى نصف قيمتها الاسمية. أي كما لو أن الذهب قد تغير في وظيفته، كمقياس للأسعار، من حيث القيمة (ص 89 «128»).
ج- النقد
1) الاكتناز:
مع بدايات تطور التبادل السلعي تنشأ الحاجة والرغبة الجامحة في الاستيلاء على منتوج عملية: سلعة – نقد، أي النقد. ومن زاوية فعل تبدل المادة المحض، فإن هذا التبديل في الشكل يصبح غاية بذاته. ويتحجر النقد في كنز، ويصبح بائع السلعة مكتنزا للنقد. (ص 91 «130»).
كان هذا الشكل سائدا على وجه الدقة في بدايات التبادل السلعي. آسيا. وبتطور التبادل السلعي، توجب على كل منتج للسلع أن يؤمن لنفسه (عصب الأشياء nexus rerum [64] ) الضمانة الاجتماعية – النقد. هكذا تتراكم الكنوز في كل مكان. إن تطور التبادل السلعي يزيد من سطوة النقد، هذا الشكل الاجتماعي المطلق للثروة الجاهزة دوما للاستعمال (ص 92 «131»). إن دوافع الاكتناز، بطبيعتها، لا حدود لها.
إن النقد، نوعيا، أو فيما يخص شكله، بلا قيود. أي: أن النقد هو الممثل المادي الشامل للثروة المادية، لأنه قابل للاستبدال فورا بأية سلعة. أما كميا، فإن كل مقدار من النقد محدود، ولهذا فإن له نفوذا محدودا كوسيلة شراء. إن هذا التناقض يرجع بالمكتنز دوما، ومرة تلو أخرى، إلى المحاولات السيزيفية الفاشلة للتراكم. إلى جانب ذلك فإن مراكمة الذهب والفضة على شكل صفائح وأوان تخلق سوقا جديدة لهذه المعادن إضافة إلى خلقها مصدرا كامنا للنقد.
إن الاكتناز يخدم كقناة لتمويل أو سحب النقد المتداول مع التذبذب المستمر في درجة إشباع التداول (ص 95 «134»).
2) النقد كوسيلة تسديد (دفع):
بتطور التبادل السلعي تبرز ظروف جديدة: الانفصال الزمني بين تحول ملكية السلعة وتحقيق سعرها. تتطلب السلع فترات مختلفة من الزمن لإنتاجها، إنها تنتج في فصول متباينة، كما يتوجب إرسال بعضها الآخر إلى أسواق بعيدة.. الخ. وعليه فإن (آ) يستطيع أن يكون بائعا قبل أن يكون (ب) المشتري قادرا على الدفع. الممارسة العملية تنظم شروط التسديد بهذه الطريقة: (آ) يصبح دائنا و (ب) مدينا، ويصبح النقد وسيلة تسديد (دفع). وهكذا تصبح علاقة الدائن والمدين عدائية أكثر فأكثر (ويحدث ذلك أيضا بصورة مستقلة عن التبادل السلعي كما في العصور الوسطى والقديمة) (ص 97 «135»)
في هذه العلاقة يؤدي النقد وظيفة: (1) مقاس للقيمة في تحديد سعر السلعة المباعة (2) وسيلة مثالية للشراء.
في الكنز كان النقد مسحوبا من التداول، أما هنا وباعتباره وسيلة تسديد (دفع)، فإنه يدخل التداول، ولكنه لا يدخل هذا التداول إلا بعد أن تكون السلعة قد غادرته. إن المشتري المدين يبيع لكي يكون قادرا على التسديد (الدفع) وإلا فإن سلعة ستباع بالمزاد. ولذلك فإن النقد يصبح، الآن، هدف البيع نفسه بسبب الضرورة الاجتماعية التي تنبثق من علاقات عملية التبادل ذاتها. (ص97 – 98 «136»).
إن عدم تزامن البيع والشراء، وهو الذي يؤدي إلى انبثاق وظيفة النقد كوسيلة تسديد (دفع)، يؤثر في ذات الوقت على الاقتصاد في وسيط التداول، حيث تتركز المدفوعات في مكان معين. إن الغرف التجارية (virements) (تحويل النقد بواسطة حوالة من حساب لآخر) في ليون في القرون الوسطى – نوع من محلات التخليص كان يجري فيها تسديد صافي حساب الديون المتبادلة فقط. (ص 98 «137»).
وبقدر ما توازن المدفوعات بعضها البعض، فإن النقد لا يؤدي وظيفته إلا بصورة مثالية، كنقد حسابي، أو كمقياس للقيم. أما إذا كان ينبغي تسديد المدفوعات فعلا، فإن النقد لا يظهر على أنه وسيط التداول، أي شكل انتقالي يخدم كوسيط لانتقال المنتوجات، بل كتجسيد فردي للعمل الاجتماعي، بصفته الوجود المستقل للقيمة التبادلية، كسلعة مطلقة. إن هذا التناقض المباشر ينفجر في ذلك الجانب من الأزمات الإنتاجية التجارية والتي تسمى بـ: الأزمة النقدية. ولا تقع الأزمة النقدية إلا عندما يكون سير تتابع المدفوعات والنظام الاصطناعي لاستقرارها قد اكتمل تطورهما. وبازدياد الاضطرابات العامة في آلية هذا النظام، مهما كان منبعها، يتحول النقد بصورة فجائية، وعلى الفور، من شكله المثالي المحض كنقد حسابي إلى عملة صعبة، ولا يعود بوسع السلع الدنيوية أن تعوض عنه (ص 99 «138»).
وتنبع أوراق الائتمان (Credit Money) من وظيفة النقد كوسيلة للتسديد، فشهادات الديون نفسها تدور بالتتابع لتحول هذه الديون على آخرين. وبظهور نظام الائتمان تتسع وظيفة النقد كوسيلة تسديد كرة أخرى، ففي مجال قدرتها هذا تحقق لنفسها أشكال وجودها الخاصة التي تحتل بها مجال الصفقات التجارية الكبيرة. بينما تقصي أكثر النقود المعدنية إلى دائرة تجارة المفرد (ص 101 «139-140»).
عند بلوغ التبادل السلعي مرحلة وحجما معينين تتسع وظيفة النقد كوسيلة تسديد (دفع)، فتتجاوز نطاق التداول السلعي لتصبح السلعة الشاملة للعقود. إن الإيجارات والضرائب، وما أشبه، قد انتقلت من الدفع عينا [65] إلى الدفع نقدا، قارن: فرنسا تحت حكم لويس الرابع عشر (بواغليير وفوابان)، ومن جهة أخرى، آسيا، تركيا، واليابان..الخ (ص 102 «140-141»).
إن تطور النقد إلى وسيلة تسديد (دفع) يجعل من الضروري مراكمة النقد حتى تاريخ استحقاق الدفع. إن الاكتناز، ذلك الشكل المتميز من الثروات المكتسبة الذي اختفى بالتطور اللاحق للمجتمع يظهر من جديد كذخيرة احتياطية لوسيلة التسديد (الدفع). (ص 103 «142»).
3) النقد العام:
إن الأشكال المحلية للعملة والنقود المعدنية والنقود الورقية تنبذ من التجارة العالمية، ويبقى النقد على شكل سبيكة وحده المقبول كنقد شامل. وفي السوق العالمية وحدها يؤدي النقد وظيفته إلى أقصى حد، باعتباره السلعة التي يكون شكلها الجسدي، في نفس الوقت، التجسيد الاجتماعي المباشر للعمل الإنساني في التجريد. إن نمط وجودها (السبيكة) يصبح موافقا لمفهومها. (ص 103-104 «142»). التفاصيل على الصفحة (105 «145»).


--------------------------------------------------------------------------------

الفصل الثاني: «تحوّل النقد إلى رأس مال»


1- الصيغة العامة لرأس المال:

إن تداول السلع هو نقطة البداية لرأس المال. وعليه فإن الإنتاج السلعي، والتداول السلعي، والشكل المتطور للتداول (أي التجارة) هي على الدوام أرضية العمل التاريخية التي ينبثق منها رأس المال. إن تاريخ رأس المال المعاصر يبدأ من خلق التجارة العالمية الحديثة والسوق العالمية في القرن السادس عشر (ص 106 «146»). وإذا ما حصرنا تفكيرنا في الأشكال الاقتصادية التي ينتجها تداول السلع لوجدنا أن منتوجها النهائي هو: النقد، وأن النقد هو الشكل الأول الذي يظهر به رأس المال. ومن ناحية تاريخية، يجابه رأس المال الملكية العقارية أول الأمر بصفته ثروة نقدية. فرأسمال التاجر والمرابي، وحتى الرأسمال الجديد اليوم، يدخل المسرح على هيئة نقد لا بد أن يجري تحويله إلى رأس مال بعملية معينة.
إن النقد كنقد يختلف عن النقد كرأسمال أول ما يختلف في شكل دورانه. فإلى جانب التداول البسيط س – ن – س (سلعة – نقد – سلعة) تحدث الصيغة: نقد – سلعة – نقد (ن- س – ن)، الشراء من أجل البيع. إن النقد الذي يرسم بحركته هذا الشكل من الدوران يصبح رأسمالا، وهو بالأصل رأسمال بذاته (أي بمصيره).
إن نتيجة ن – س – ن هي ن – ن، التبادل المباشر للنقد لقاء النقد. فأنا اشتري قطنا بمبلغ 100 جنيه وأبيعه بـ 110 جنيهات، وفي النهاية أكون قد بادلت 100 جنيه بـ 110 جنيهات أي نقدا لقاء نقد.
إذا أعطت هذه العملية في نهايتها نفس القيمة النقدية التي وضعت فيها أصلا، أي 100 جنيه من 100 جنيه، فإنها ستكون عبثا. ومع هذا، سواء حقق التاجر 100 جنيه أو 110 جنيهات أو مجرد 50 جنيها لقاء جنيهات المائة، فإن نقوده قد رسمت حركة خاصة تختلف تمام الاختلاف عن حركة التداول السلعي س – ن – س. ومن فحصنا للفروق في الشكل بين حركة ن – س – ن، و س- ن – س، فإننا سوف نكتشف الفرق في المحتوى أيضا.
إن وجهي العملية مأخوذا كل منهما على حدة هما كما في س – ن – س، إلا أن هناك اختلافا كبيرا في العملية ككل. ففي (س – ن – س) النقد هو الوسيط، والسلعة هي نقطة البداية والنهاية، أما في عملية (ن – س – ن) فالسلعة هي الوسيط، والنقد هو نقطة البداية والنهاية.
في (س – ن – س) ينفق النقد مرة واحدة وإلى الأبد، أما في (ن – س – ن) فإن النقد هو مجرد سلفة ستجري استعادتها من جديد. إنه يرجع ثانية إلى نقطة انطلاقه. هنا يوجد إذن فرق ملموس بين دوران النقد ودورانه كرأسمال.
في (س – ن – س) لا يمكن أن يعود النقد إلى نقطة البداية إلا عبر تكرار العملية بأكملها، من خلال بيع سلع جديدة. من هنا فإن رجوع النقد مستقل عن سير العملية ذاتها. ومن جهة ثانية فإن عودة النقد في ن – س – ن مشروطة منذ الابتداء بتركيب العملية نفسها التي تظل ناقصة إذا فشلت رحلة عودة النقد. (ص 110 «149»).
إن الهدف النهائي لـ (س- ن – س) هو القيمة الاستعمالية، أما هدف ن – س – ن فهو القيمة التبادلية ذاتها.
في س – ن – س يمتلك كلا القطبان نفس محدودية الشكل الاقتصادي: فكلاهما سلعة، ولكليهما قيمة متساوية. إلا أنهما، وفي ذات الوقت، قيمتان استعماليتان مختلفتان نوعيا، ومحتوى العملية هو تجديد الحياة الاجتماعية. في ن – س – ن تبدو العملية، من النظرة الأولى، تكرارا بلا معنى. فمبادلة 100 جنيه بمائة جنيه أخرى بطرق ملتوية، تبدو جهدا عابثا. إذ لا يتميز مبلغ من النقد عن مبلغ آخر إلا بالحجم، وعلى هذا فإن (ن – س – ن) لا تكتسب أي معنى إلا بالاختلاف الكمي لقطبيها. فيستخرج من التداول نقد أكثر مما وضع فيه. فالقطن الذي تم شراؤه بـ 100 جنيه يباع مثلا بـ 100 + 10 جنيهات، والعملية تتبع صيغة: ن – س – ن حيث: Ω = ن + ∆ن. إن (∆ن) هذه، هذه العلاوة، هي القيمة الزائدة. إن القيمة المدفوعة في الأصل لا تظل سليمة على حالها فقط في التداول، بل تضيف إلى نفسها قيمة زائدة، إنها توسع نفسها – وهذه الحركة تحول النقد إلى رأسمال.
في س – ن – س من الجائز أن يكون هناك اختلاف في قيمة القطبين. إلا أن ذلك عرضي محض في هذا الشكل من التداول، ولا تفقد س – ن – س معناها عندما يكون القطبان متعادلين، لأن هذا التعادل هو، بالأحرى، الشرط الضروري لسير العملية بشكل طبيعي. إن تكرار عملية س – ن – س ينظمه هدف نهائي يقع خارج العملية: الاستهلاك، إشباع حاجات معينة..
في عملية س – ن – س، من جهة أخرى، تشابه البداية والنهاية، وهما النقد، وهذا يجعل حركاتها لا نهاية سلفا. وإذا سلمنا جدلا بأن ن + ∆ن تختلف كميا عن ن، فإنها هي أيضا مجرد مبلغ محدود من النقد، إذا انفق فلن يعود رأسمالا، وإذا سحب من التداول تجمد على شكل كنز. وإذا حلت الرغبة في توسيع القيمة، فإنها تكون موجودة في Ω كما في ن، ويتحرك رأس المال بلا حدود، لأنه لا يحقق هدفه في نهاية العملية مثلما لا يحققه في بدايتها (ص 111 – 112 «149-151»). إن مالك النقد، كممثل لهذه العملي، يصبح رأسماليا.
إذا نالت القيمة التبادلية، في التبادل السلعي، شكلا مستقلا عن القيمة الاستعمالية، فإن هذه القيمة التبادلية تعلن عن نفسها، في الحال، كمادة في حالة صيرورة لها حركتها الخاصة، أما السلعة والنقد فليسا إلا محض شكلين من أشكالهما. وبالإضافة إلى ذلك فإنها كقيمة أصلية، تتميز عن نفسها كقيمة زائدة. إنها تصبح نقدا في حالة صيرورة وبهذا تكون رأسمالا (ص 116 «154»).
إن ن – س - Ω تبدو بالفعل شكلا خاصا بالرأسمال التجاري وحده. ولكن رأس المال الصناعي هو أيضا نقد يتم تحويله إلى سلع، ويبيع هذه الأخيرة يعاد تحويله إلى نقد أكثر. إن النشاطات التي تقع بين لحظة الشراء والبيع، خارج نطاق التداول لا تغير من الأمر شيئا. وأخيرا، تبدو العملية في الرأسمال الربوي ن - Ω بدون أية توسطات، أي تحقيق قيمة أكبر من نفسها (ص 117 «155»).
تناقضات الصيغة العامة:
إن شكل التداول الذي يصبح به النقد رأسمالا يتناقض مع كل القوانين السابقة المتعلقة بطبيعة السلع والقيمة والنقد والتداول نفسه. ترى أيستطيع الفرق الشكلي المحض في التسلسل المقلوب لتتابع البيع والشراء أن يسبب ذلك؟
وفوق ذلك، فإن التسلسل المقلوب لا يحدث إلا لطرف واحد من الأطراف الثلاثة ذات العلاقة. فأنا كرأسمالي اشترى السلع من (آ) وأبيعها إلى (ب). إن (آ) و(ب) يبدوان مجرد بائع بسيط وشار بسيط للسلع. وأنا أواجههما في كلتا الحالتين كمالك بسيط للنقد أو مالك بسيط للسلع، ولا أواجه أيا منهما كرأسمالي أو كممثل لشيء أكثر من النقد أو السلعة.
بالنسبة لـ (آ) بدأت الصفقة بالبيع، وبالنسبة لـ (ب) انتهت بالشراء، تماما مثل التبادل السلعي البسيط. وإذا ما أقمت الحق في القيمة الزائدة على هذه النتيجة البسيطة، فإن بوسع (آ) أن يبيع (ب) مباشرة، فتزول بذلك أية فرصة لتحقيق القيمة الزائدة.
لنفرض أن (آ) و(ب) يشتريان السلع من بعضهما البعض مباشرة. كلاهما سيكون منتفعا بقدر ما يتعلق الامر بالقيمة الاستعمالية. ومن الجائز أن ينتج (آ) سلعا أكثر مما يستطيع (ب) إنتاجه في نفس الوقت، والعكس بالعكس، الأمر الذي يعود على كليهما بالمنفعة. إلا أن الوضع يختلف مع القيمة التبادلية. فهنا، يجري تبادل قيم متساوية حتى بتدخل النقد كوسيط للتداول (ص 119 «156-158»).
لدى تأملنا للتبادل السلعي البسيط من زاوية تجريدية، نجد أنه لا يحدث شيء للسلعة سوى تبديل في الشكل، إذا استثنينا استبدال قيمة استعمالية بقيمة استعمالية أخرى. وبقدر ما تشمل العملية على تبديل شكل القيمة التبادلية فقط، فإنها تفترض تبادل المتساويات، إذا ما سارت الظاهرة بشكل نقي. ويمكن للسلع، حقا، أن تباع بأسعار تختلف عن قيمتها، ولكن هذا يعني انتهاكا لقانون التبادل السلعي. لأن القانون في شكله النقي هو تبادل للمتساويات، ولهذا لا توجد فيه واسطة للإثراء. (ص 120 «158-159»).
من هنا ينشأ خطأ كل المحاولات لاستخلاص القيمة الزائدة من التبادل السلعي نفسه. كونديلاك. (ص 121 «159») نيومان (ص 122 «160»).
ولكن لنفرض أن التبادل لا يجري بشكله النقي، وأن التبادل يتم بين سلع غير متساوية. لنفترض أن كل بائع يبيع سلعته بسعر 10% أعلى من قيمتها. إن كل شيء يبقى على حاله، فما يربحه كل شخص كبائع، يخسره من جديد كمشتر. أي كما لو أن قيمة النقد قد هبطت بنسبة 10%. والحال نفسه إذا اشترى المشترون كل شيء بسعر 10% أدنى من قيمة الأشياء. (ص123 «160-161» تورنس).
إن التسليم بانبثاق القيمة الزائدة من ارتفاع الأسعار يفترض سلفا وجود طبقة تبيع ولا تشتري، أي تستهلك ولا تنتج؟، وتتلقى المال بالمجان بصورة مستديمة. إن بيع السلع بأعلى من قيمتها إلى مثل هذه الطبقة لا يعني شيئا سوى استرجاع جزء من النقد الذي أعطي لها مجانا وذلك عن طريق الخداع. (المدن الآسيوية وروما). إلا أن البائع يظل دوما الطرف المخدوع، ولا يستطيع أن يزيد من ثروته، ولا يستطيع بالتالي خلق قيمة زائدة.
لنتأمل حالة الخداع. (آ) يبيع إلى (ب) خمرا قيمته 40 جنيه مقابل حبوب قيمتها 50جنيها. إن (آ) يربح 10جنيهات. إلا أن (آ) و(ب) لا يملكان سوية غير 90 جنيها. لدى (آ) 50 ولدى (ب) 40، لقد انتقلت القيمة ولم تخلق. إن الطبقة الرأسمالية، في بلد ما برمتها، لا تستطيع خداع نفسها. (ص 126 «162-163»).
وعليه: إذا تم تبادل السلع المتساوية فلن تنتج أية قيمة زائدة، وإذا تم تبادل سلع غير متساوية فلن تنتج أية قيمة زائدة أيضا. كما أن دوران السلع لا يخلق أية قيمة جديدة.
لهذا السبب لم يؤخذ بنظر الاعتبار، هنا، رأس المال التجاري والربوي وهما أقدم أشكال رأس المال وأكثرهما شيوعا. وإذا لم يكن بالامكان تفسير ازدياد رأس المال التجاري عن طريق آخر غير الخداع فذلك لافتقارنا إلى العديد من عوامل الربط التي نحن بحاجة إليها. والحال نفسه مع رأس المال الربوي. وسوف نرى فيما بعد أن كلا الاثنين شكلان فرعيان من رأس المال، كما سنرى سبب تحققهما تاريخيا، قبل رأس المال الحديث.
من هنا، فإن القيمة الزائدة لا يمكن أن تنشأ من التداول. ولكن هل تنشأ من خارجه؟ إن مالك السلعة، خارج التداول، هو المنتج البسيط لسلعته الخاصة التي تتوقف قيمتها على كمية العمل الذي تحتويه والذي يقاس وفق قانون اجتماعي محدد، ويتم التعبير عن هذه القيمة بالنقد الحسابي، مثلا بسعر 10 جنيهات. إلا أن قيمة العشرة جنيهات لا تساوي في ذات الوقت قيمة 11 جنيها، إن عمل المنتج يخلق قيما، ولكنه لا يخلق قيما توسع نفسها. إن بوسع هذه القيمة أن تضيف قيمة جديدة إلى القيمة الموجودة أصلا، ولكن ذلك لا يتحقق إلا بإضافة عمل جديد. ولهذا فإن منتج السلعة لا يستطيع أن ينتج القيمة الزائدة خارج نطاق التداول دون أن يكون على صلة بمالكي السلع الآخرين.
ولهذا لا بد لرأس المال من أن ينشأ في التداول السلعي، وفي نفس الوقت خارج هذا التداول. (ص 128 «165-166»).
وهكذا: فإن تحول النقد إلى رأسمال ينبغي أن يفسر على أساس القوانين الملازمة للتبادل السلعي، وتبادل المتساويات يشكل نقطة الانطلاق. إن صاحبنا مالك النقد، هو بعد مجرد رأسمالي يفعة [66]، مضطر لشراء السلع بقيمتها وبيعها بقيمتها، ومع ذلك فإنه يستخلص في نهاية العملية قيمة أكبر مما وضع فيها. إن تطوره إلى رأسمالي فراشة (مكتمل [67]) لا بد أن يحدث في نطاق التداول، ومع هذا ليس في نطاق هذا التداول. هذه هي شروط المسألة. هنا رودس فلترقص هنا! (ص 129 «166»).
3- شراء وبيع قوة العمل:
إن التغيير في قيمة النقد، أي تحوله إلى رأسمال، لا يمكن أن يحدث في ذلك النقد نفسه، لأن النقد، عند الشراء، لا يفعل شيئا سوى تحقيق سعر السلعة، ومن جهة ثانية لا يغير من حجم (مقدار) قيمته طالما ظل نقدا، وعند البيع لا يؤدي شيئا سوى تحويل السلعة من شكلها الجسدي إلى شكلها النقدي. ولهذا لا بد أن التبديل يقع في السلعة التي تتوسط عملية (ن – س – ن). ولكن ليس في القيمة التبادلية لهذه السلعة، مادامت المتساويات وحدها قابلة للتبادل. إذن لا يمكن للتبدل أن ينبثق إلا من القيمة الاستعمالية لها كشيء، أي من استهلاكها. ولهذا الغرض يتطلب الأمر وجود سلعة تمتلك قيمتها الاستعمالية ميزة كونها مصدرا للقيمة التبادلية –هذه السلعة موجودة بالفعل- إنها قوة العمل (ص 130 «167»).
ولكن لكي يعثر مالك النقد على قوة العمل كـ«سلعة في السوق»، لا بد أن تعرض قوة العمل هذه للبيع من قبل مالكها الخاص، أي ينبغي أن تكون قوة عمل حرة. وما دام المشتري والبائع كطرفين متعاقدين شخصان متساويان من ناحية قانونية، فينبغي أن لا تباع قوة العمل إلا بصورة مؤقتة. ما دام البائع الذي يبيع قوة العمل بيعا دائميا en bloc [68] لا يبقى بعد بائعا لسلعة بل يتحول هو نفسه إلى سلعة.إن على مالك قوة العمل، عوضا عن تمكنه من بيع سلع يتجسد فيها عمله هو، أن يكون في وضع يكون معه مضطرا لبيع قوة عمله نفسها كسلعة. (ص 131 «168-169»).
إن على مالك النقد، بغية تحويل نقده إلى رأس مال، أن يعثر في سوق السلع على شغيل حر، حر بمعنى مزدوج، حيث أنه كرجل حر، يستطيع التصرف بقوة عمله كسلعة خاصة به من جهة، ومن جهة أخرى ليس لديه سلعة أخرى غير هذه للبيع، ليس لديه أية قيود، منعتق من كل الأشياء الضرورية لتجسيد قوة عمله. (ص 132 «168-169»).
إن العلاقة بين مالك النقد ومالك قوة العمل ليست علاقة طبيعية، أو علاقة اجتماعية مشتركة لكل العصور، بل علاقة تاريخية، إنها نتاج ثورات اقتصادية عديدة. وكذلك الحال مع المقولات الاقتصادية التي تأملنا حتى الآن، فهي تحمل خاتم حقبتها التاريخية. فلكي يصبح المنتوج سلعة، لا بد أن يكف هذا المنتوج عن أن يكون وسيلة بقاء مباشرة لمنتجه. إن غالبية المنتوجات لا تتخذ شكل السلعة إلا ضمن طراز معين من الإنتاج، هو الإنتاج الرأسمالي، رغم أن إنتاج السلع وتداولها يمكن أن يجري دون أن تكون أغلب المنتوجات قد أصبحت سلعا. وبالمثل، يمكن أن يوجد النقد في كل الفترات التاريخية التي بلغت مستوى معينا من التبادل السلعي. إن أشكال النقد المحددة، من المعادل البسيط إلى المعادل العام، تفترض مراحل متنوعة من التطور، ومع هذا فإن تطورا طفيفا جدا في التداول السلعي يمكن أن يسبب انبعاث كل هذه الأشكال، إن رأس المال، من جهة أخرى، لا ينبعث إلا تحت الشرط المذكور أعلاه، وهذا الشرط وحده يتضمن تاريخا عالميا (ص 133 «169-170»).
إن لقوة العمل قيمة تبادلية تتحدد، مثل كل القيم التبادلية للسلع، بوقت العمل اللازم لإنتاجها، وإعادة إنتاجها أيضا. إن قيمة قوة العمل هي قيمة وسائل البقاء الضرورية لصيانة مالكها، أي الحفاظ عليه في حالة طبيعية من القدرة على العمل. وهذا يتوقف أيضا على مستوى الحياة المحدد تاريخيا لكل بلد. إن هذه الشروط تتباين، ولكنها تكون محددة في كل بلد وفي كل حقبة. إن الحفاظ على العامل يتضمن بالإضافة إلى ذلك وسائل الحياة اللازمة للتعويض عنه، أي لإنجاب الأطفال، لكي يتمكن هذا النوع الغريب من مالكي السلع من أن يخلد نفسه. وإلى جانب ذلك، هناك كلفة التعليم بالنسبة للعمل الماهر (ص 135 «170-172»).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق