كيف تصنع ايديولوجيتك

ايديولجيتك = مبدأك = افكارك = شخصيتك = مستقبلك

ابحث عن المعنى الغائب هنـــــــــا

الخميس، 19 أغسطس 2010

الصراع الطبقي في الماركسيه


الصراع الطبقي

من المعلوم انه في كل مجتمع تتصادم مطامح البعض مع مطامح البعض الآخر. وان الحياة الاجتماعية مليئة بالتناقضات، وان التاريخ يكشف لنا عن الصراع الذي بين الشعوب و المجتمعات، كما يقوم داخل الشعوب والمجتمعات نفسها، وانه يبين لنا ايضاً مراحل متعاقبة من الثورة والرجعية، من السلم والحروب، من الركود والتقدم السريع او الانحطاط. ان الماركسية قد رسمت النهج الموجه الذي يتيح اكتشاف وجود القوانين في هذا التعقيد والتشوش الظاهر. ونعني بهذا نظرية الصراع الطبقي. فقط دراسة مجمل المطامح لدى جميع اعضاء مجتمع ما،او عدد من المجتمعات تسمح بتحديد نتيجة هذه المطامح تحديداً علمياً. هذا مع العلم ان المطامح المتناقضة يولدها تباين الاوضاع وشروط الحياة لدى الطبقات التي ينقسم اليها كل مجتمع. يقول ماركس في "البيان الشيوعي": "ان تاريخ كل مجتمع الى يومنا هذا (ثم يضيف انجلس فيما بعد: ما عدى المشاعية البدائية) لم يكن سوى تاريخ صراع بين الطبقات. فالحر والعبد، والنبيل والعامي، والسيد الاقطاعي والقن، والمعلم والصانع. اي باختصار، المضطهدون والمضطهدين، كانوا في تعارض دائم وكانت بينهم حرب مستمرة، تارة ظاهرة، وتارة مستترة، حرب كانت تنتهي دائماً اما بانقلاب ثوري يشمل المجتمع باسره، واما بانهيار الطبقتين معاً... اما المجتمع البرجوازي الحديث الذي خرج من احشاء المجتمع الاقطاعي الهالك فانه لم يقض على التناقضات بين الطبقات بل اقام طبقات جديدة محل القديمة واوجد ظروفاً جديدة للاضطهاد واشكالاً جديدة للنضال بدلا من القديمة. إلا ان ما يميز عصرنا الحاضر، عصر البرجوازية، هو انه جعل التناحر الطبقي اكثر بساطة. فان المجتمع اخذ بالانقسام، اكثر فاكثر، الى معسكرين فسيحين متعارضين،الى طبقتين كبيرتين العداء بينهما مباشر: هما البرجوازية والبروليتاريا". ومنذ الثورة الفرنسية الكبرى كشف تاريخ اوروبا في عدد من البلدان على نحو بديهي خاص عن السبب الحقيقي للاحداث وهو صراع الطبقات. فمنذ عهد عودة الملكية([28]) ظهر في فرنسا عدد من المؤرخين (تييري وغيزو ومينيه وتيير) الذين كانوا مجبرين عند تلخيصهم لما كان يحدث ان يعترفوا بان الصراع الطبقي موجود وانه المفتاح الذي يتيح فهم كل تاريخ فرنسا. ولكن المرحلة الحديثة الاخيرة، مرحلة انتصار البرجوازية التام، والمؤسسات التمثيلية والاقتراع الموسع (ان لم يكن العام)، مرحلة الصحافة اليومية الزهيدة الثمن، التي تتغلغل بين الجماهير الخ. هذه المرحلة قد اثبتت بمزيد من الجلاء ايضاً (ولو احياناً على نحو وحيد الجانب و"سلمي" و"دستوري") ان الصراع الطبقي هو محرك الاحداث. ان المقتطف التالي من "البيان الشيوعي" يبين لنا ما طلبه ماركس من علم الاجتماع من وجهة نظر التحليل الموضوعي لأوضاع كل طبقة من طبقات المجتمع الحديث بالارتباط مع تحليل تطور هذه الطبقة: "وليس بين جميع الطبقات التي تقف الآن امام البرجوازية وجهاً لوجه الا طبقة واحدة ثورية حقا هي البروليتاريا. ان جميع الطبقات الاخرى تنحط و تنقرض في النهاية مع نمو الصناعة الكبرى،اما البروليتاريا فهي ـ خلافاً لذلك ـ اخص واساس منتجات هذه الصناعة. ان الشريحة السفلى من الطبقة المتوسطة وصغار الصناعيين والباعة والحرفيين والفلاحين تحارب البرجوازية من اجل الحفاظ على وجودها بوصفها فئات متوسطة. فهي ليست اذن ثورية بل محافظة واكثر من محافظة، ايضاً انها رجعية. اذ انها تريد ان تدور عجلة التاريخ الى الوراء. وان حدث وان كانت ثورية فذلك لانها في حالة انتقال الى صفوف البروليتاريا وبذلك لا تدافع عن مصالحها الانية بل عن مصالحها المستقبلية وهي تتخلى عن وجهة نظرها الخاصة لتتخذ لنفسها وجهة نظر البروليتاريا". وفي جملة من المؤلفات التاريخية اعطى ماركس امثلة ساطعة وعميقة عن علم التاريخ المادي وعن تحليل ظروف كل طبقة بذاتها. واحياناً ظروف مختلف الجماعات و الفئات في الطبقة الواحدة. وبين على نحو ساطع لماذا و كيف "ان كل نضال طبقي هو نضال سياسي"([29]). ان المقطع الذي استشهدنا به انفا يبين بوضوح كم هي معقدة شبكة العلاقات الاجتماعية والدرجات الانتقالية بين طبقة واخرى وبين الماضي والمستقبل التي يحللها ماركس ليظهر حاصل كل التطور التاريخي.

ان نظرية ماركس تجد تاكيدها وتطبيقها الاكثر عمقاً وشمولاً وتفصيلاً في مذهبه الاقتصادي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق