كيف تصنع ايديولوجيتك

ايديولجيتك = مبدأك = افكارك = شخصيتك = مستقبلك

ابحث عن المعنى الغائب هنـــــــــا

الخميس، 19 أغسطس 2010

الاشتراكية من وجهه النظر الماركسيه


الاشتراكية





نرى مما تقدم ان ماركس يخلص الى ان المجتمع الرأسمالي سيتحول حتماً الى مجتمع اشتراكي. وهو يستخلص ذلك استخلاصاً تاماً وعلى وجه الحصر من القانون الاقتصادي لحركة المجتمع الحديث. ان جعل العمل اجتماعياً،ان هذه العملية التي تتقدم بسرعة متزايدة ابداً، وبالوف الاشكال، والتي ظهرت بوجه خاص خلال النصف القرن الذي انقضى على وفاة ماركس في توسع الصناعة الكبيرة والكارتيلات والسنديكات والتروستات الرأسمالية، وفي التطور الاسطوري لنسب رأس المال المالي وقوته، ذلك هو الاساس المادي الرئيسي لمجيء الاشتراكية الذي لا مناص منه. ان المحرك الفكري والمعنوي والعامل المادي لهذا التحول انما هو البروليتاريا التي تثقفها الرأسمالية نفسها. ان نضال البروليتاريا ضد البرجوازية، الذي يتخذ اشكالاً مختلفة ومحتوى يغتني باستمرار، يصبح حتماً نضالاً سياسياً يرمي الى استيلاء البروليتاريا على الحكم السياسي ("ديكتاتورية البروليتاريا"). ولابد لعملية جعل الانتاج اجتماعياً من ان تجعل وسائل الانتاج ملكية اجتماعية، وان تؤدي الى "انتزاع الملكية من مغتصبيها". ان التزايد الضخم في انتاجية العمل وانقاص يوم العمل واحلال العمل التعاوني المتقن محل بقايا الانتاج الصغير البدائي المبعثر وعلى انقاضه، تلك هي النتائج المباشرة لهذا التحول. ان الرأسمالية تقطع نهائياً الروابط التي تصل الزراعة بالصناعة ولكنها في الوقت نفسه تهيئ بتطورها الاكثر تقدماً العناصر الجديدة لهذا الترابط. وتهيئ اتحاد الصناعة بالزراعة على اساس تطبيق العلم تطبيقاً واعياً، وعلى اساس تنسيق العمل التعاوني وتوزيع جديد للسكان (وضع حد لعزلة الريف عن العالم وما يعانيه من تخلف وعزلة وتوحش، وكذلك لتكدس عدد ضخم من السكان في المدن الكبيرة على نحو غير طبيعي). ان الاشكال العليا للرأسمالية الحديثة تهيئ شكلاً جديداً للعائلة، وشروطاً جديدة للمراة ولتربية الاجيال الناشئة. فان عمل النساء والاولاد وانحلال العائلة البطريركية بسبب النظام الرأسمالي يأخذان حتماً في المجتمع الحديث اكثر الاشكال فظاعة واشدها تدميراً وتنفيراً. ومع ذلك "فالصناعة الكبيرة باعطائها النساء والاحداث والاولاد من الجنسين دوراً حاسماً في عملية الانتاج المنظمة اجتماعياً خارج النطاق العائلي تخلق اساساً اقتصادياً جديداً لشكل اعلى من اشكال العائلة والعلاقات بين الجنسين. ومن الخرق طبعاً ان يعتبر بمثابة شيء مطلق سواء الشكل الجرماني المسيحي للعائلة ام الاشكال القديمة الرومانية واليونانية والشرقية التي تؤلف من جهة اخرى سلسلة واحدة من التطورات التاريخية المتعاقبة. ومن البديهي ايضاً ان تركيب الهيئة العمالية المختلطة عن طريق اجتماع افراد من الجنسين ومن مختلف الاعمار ـ مع كونه في شكله الرسمي العفوي الفظ حيث العامل موجود من اجل عملية الانتاج وليس عملية الانتاج موجودة من اجل العامل يؤلف ينبوعاً موبوءاً للافساد والاستعباد ـ ان هذا التركيب يجب ان يتحول بالعكس في ظروف مؤاتية الى ينبوع للتطور الانساني" ("رأس المال" المجلد الاول نهاية الفصل الثالث عشر). ان نظام المصنع يبين لنا "بذور التربية في المستقبل، هذه التربية التي ستوحد العمل المنتج لجميع الاولاد فوق سن معينة مع التعليم والرياضة، و ذلك ليس فقط بمثابة طريقة تهدف الى زيادة الانتاج الاجتماعي بل بمثابة الطريقة الوحيدة الفريدة لانتاج رجال متطورين من كل النواحي" (المصدر نفسه). وعلى الاساس التاريخي نفسه تضع اشتراكية ماركس قضيتي القومية والدولة لا لتفسير الماضي وحسب بل لتحديد التنبؤات بجراة و للقيام بعمل مقدام في سبيل تحقيقها. ان الامم هي الانتاج والشكل الحتميان للمرحلة البرجوازية من التطور الاجتماعي. ان الطبقة العاملة لم تستطع ان تقوي نفسها وتنضج وتتطون الا "بتكوين نفسها ضمن الحدود القومية" دون ان تكون "قومية" ("وان لم يكن اطلاقا بالمعنى البرجوازي للكلمة"). والحال ان تطور الرأسمالية لا ينفك يحطم الحدود القومية ويهدم العزلة القومية. يحل التناحرات الطبقية محل التناحرات القومية. ولهذا يكون من الصحيح تماماً "ان ليس للعمال وطن" في البلدان الرأسمالية المتطورة. وان "توحيد جهود" العمال في البلدان المتمدنة على الاقل "هو احد الشروط الاولية لتحرر البروليتاريا" ("البيان الشيوعي"). اما الدولة، هذا العنف المنظم، فقد ظهرت ظهوراً حتمياً عند درجة معينة من تطور المجتمع، حينما اصبح المجتمع منقسماً الى طبقات، لا يمكن التوفيق بينها ولم يعد في طوقه ان يعيش بدون "سلطة" موضوعة كما يزعم فوق المجتمع ومفصولة عنه الى حد ما. و هذه الدولة التي ولدت في قلب التناحرات الطبقية تصبح "دولة الطبقة الاقوى، الطبقة المسيطرة اقتصادياً، والتي تغدو ايضاً بفضل الدولة الطبقة المسيطرة سياسياً، وهكذا تكتسب وسائل جديدة لاخضاع الطبقة المظلومة واستثمارها. وعلى هذا النحو كانت الدولة القديمة قبل كل شيء دولة ملاكي عبيد لاخضاع العبد، كما ان الدولة الاقطاعية كانت جهاز النبلاء لاخضاع الفلاحين الاقنان، وكما ان الدولة التمثيلية الحديثة هي اداة استثمار الرأسماليين للعمال المأجورين" (انجلس في كتاب "اصل العائلة والملكية الخاصة والدولة" حيث عرض وجهات نظره ووجهات نظر ماركس). وحتى الشكل الاوفر حرية والاكثر تقدماً للدولة البرجوازية، ونعني به الجمهورية الديمقراطية، لا يلغي ابداً هذا الواقع بل يعدل شكله فقط (ارتباط الحكومة بالبورصة، رشوة الموظفين والصحافة، على نحو مباشر وغير مباشر الخ.). ان الاشتراكية اذ تقود الى الغاء الطبقات تقود بالتالي الى الغاء الدولة. "ان اول عمل تثبت به الدولة فعلاً انها تمثل المجتمع باسره ـ اي الاستيلاء على وسائل الانتاج في صالح المجتمع باسره ـ هو في الوقت نفسه اخر عمل خاص بها بوصفها دولة. ان تدخل سلطة الدولة في العلاقات الاجتماعية يصبح نافلاً في ميدان بعد آخر، ثم يتلاشى من تلقاء نفسه. ومحل حكم الاشخاص تحل ادارة الاشياء وقيادة عملية الانتاج. ان الدولة "لا تلغى"، انها "تضمحل" (انجلس، "ضد دوهرنغ"). "ان المجتمع الذي سينظم الانتاج على اساس المشاركة الحرة المتساوية بين المنتجين سيعيد كل الة الدولة الى المكان اللائق بها: متحف الاثار الى جانب المغزل اليدوي والفاس البرونزية" (انجلس،"اصل العائلة والملكية الخاصة والدولة").

واخيراً من الاهمية بمكان ان نشير، في معرض موقف اشتراكية ماركس من الفلاح الصغير الذي سيبقى موجوداً ايضاً في مرحلة انتزاع الملكية من مغتصبيها،الى هذا البيان من انجلس الذي يعبر عن رأي ماركس: "عندما تصبح سلطة الدولة في ايدينا لن يكون بالامكان ان يخطر ببالنا ان ننتزع ملكية الفلاحين الصغار بعنف (بتعويض او بغير تعويض سيان) مثلما سنكون مضطرين لان نفعل بالنسبة لكبار الملاكين العقاريين. ان مهمتنا تجاه الفلاح الصغير ستكون قبل كل شيء توجيه انتاجه الخاص في السبيل التعاوني، لا بواسطة العنف، بل عن طريق المثل وتقديم مساعدة المجتمع لهذا الغرض. ومن المؤكد ان سيكون لدينا ما يكفي من الوسائل لاقناع الفلاح بجميع المزايا التي يتسم بها هذا التحول والتي لا بد من توضيحها له منذ الآن". (انجلس، "مسالة الفلاحين في فرنسا والمانيا". طبع الكسييفا، صفحة 17. الترجمة الروسية باغلاط. النص الاصلي في جريدة Neue Zeit).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق