كيف تصنع ايديولوجيتك

ايديولجيتك = مبدأك = افكارك = شخصيتك = مستقبلك

ابحث عن المعنى الغائب هنـــــــــا

الخميس، 19 أغسطس 2010

الديالكتيك فى الماركسيه


الديالكتيك



لقد كان ماركس وانجلس يريان في ديالكتيك هيغل اوسع مذهب من مذاهب التطور واوفرها مضموناً واشدها عمقاً واثمن اكتساباً حققته الفلسفة الكلاسيكية الالمانية. وكانت كل صيغة اخرى لمبدأ التطور تتراءى لهما وحيدة الجانب فقيرة المضمون تشوه وتفسد السير الواقعي للتطور (الذي يتميز احياناً بقفزات وكوارث وثورات) في الطبيعة والمجتمع. "اننا كلينا، ماركس وانا، كنا وحدنا تقريباً اللذين عملا لانقاذ الديالكتيك الواعي" (من المثالية بما فيها الهيغلية نفسها) "وذلك بادخاله في المفهوم المادي للطبيعة". "ان الطبيعة هي محك الاختبار للديالكتيك، ويجب ان نضيف ان علم الطبيعة الحديث قد اغنى الى اقصى حدود الغنى (كتب هذا قبل اكتشاف الراديوم و الالكترونات و تحول العناصر الخ.!) ولا يزال يضيف لوازم هذا الاختبار يومياً وبذلك اثبتت هذه العلوم ان الطبيعة تعمل في نهاية المطاف على نحو ديالكتيكي لا على نحو ميتافيزيقي"([22]).

قال انجلس ايضاً: "ان الفكرة الاساسية الكبرى التي تقول بان العالم لا يتألف من اشياء تامة الصنع بل هو مجموعة من العمليات يطرأ فيها على الاشياء التي تبدو في الظاهر ثابتة، وكذلك على انعكاساتها الذهنية في دماغنا،اي الافكار، تغير مستمر من الصيرورة والفناء، ان هذه الفكرة الاساسية الكبرى قد نفذت على نحو عميق منذ هيغل في الادراك العام حتى انه لا يوجد من يعارضها في شكلها العام هذا. ولكن الاعتراف بهذه الفكرة كلاماً شيء وتطبيقها في الواقع في كل حال من الاحوال وفي كل ميدان من ميادين البحث شيء آخر". "ليس هناك من امر نهائي مطلق مقدس امام الفلسفة الديالكتيكية فيه ترى كل شيء وفي كل شيء خاتم الهلاك المحتوم، وليس ثمة شيء قادر على الصمود في وجهها غير الحركة التي لا تنقطع، حركة الصيرورة والفناء، حركة التصاعد ابداً دون توقف من الادنى الى الاعلى. وهذه الفلسفة نفسها ليست إلا مجرد انعكاس هذه الحركة في الدماغ المفكر". فالديالكتيك هو اذن في نظر ماركس علم القوانين العامة للحركة سواء في العالم الخارجي ام في الفكر البشري"([23]).

ان هذا المظهر الثوري لفلسفة هيغل هو ما تبناه ماركس و طوره. فالمادية الديالكتيكية "لم تعد بحاجة الى فلسفة توضع فوق العلوم الاخرى" وان ما تبقى من الفلسفة القديمة هو "نظرية الفكر وقوانينه- المنطق الشكلي والديالكتيك"([24]). غير ان الديالكتيك حسب مفهوم ماركس كما هو حسب مفهوم هيغل يشمل ما يسمى اليوم بنظرية المعرفة او "العرفانية" التي يجب ان تعالج موضوعها من وجهة نظر تاريخية ايضاً، وذلك بان تدرس وتعمم منشأ المعرفة وتطورها، اي الانتقال من اللامعرفة الى المعرفة.

في ايامنا دخلت فكرة النمو، فكرة التطور، على نحو كلي تقريباً في الوعي الاجتماعي. ولكن عن غير طريق فلسفة هيغل. بيد ان هذه الفكرة كما صاغها ماركس وانجلس بالاستناد الى هيغل هي اوسع جداً و اغنى جداً في محتواها من الفكرة الشائعة عن التطور. تطور يبدو كأنه يستنسخ مراحل مقطوعة سابقاً و لكن على نحو آخر وعلى درجة ارفع ("نفي النفي")، تطور على نحو لولبي اذا صح التعبير لا على نحو خط مستقيم ـ تطور بقفزات وكوارث وثورات ـ "انقطاعات في التدرج"، تحول الكمية الى كيفية ـ اندفاعات داخلية نحو التطور يثيرها التضاد والتصادم في القوى و الاتجاهات المتمايزة التي تعمل في جسم معين او في حدود ظاهرة معينة او في قلب مجتمع معين ـ تبعية متبادلة وصلة وثيقة لا يمكن فصمها بين جميع جوانب كل ظاهرة (والتاريخ يكشف دائماً عن جوانب جديدة)، صلة تحدد مجرى الحركة الوحيد المشروع الكلي. هذه هي بعض مميزات الديالكتيك بوصفه مذهباً للتطور اغنى من المذهب الشائع. (راجع رسالة ماركس الى انجلس بتاريخ 8 كانون الثاني/ جانفي 1868حيث يهزأ من "سفسطات شتاين "المشدودة" التي من الحماقة خلطها بالديالكتيك المادي).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق