كيف تصنع ايديولوجيتك

ايديولجيتك = مبدأك = افكارك = شخصيتك = مستقبلك

ابحث عن المعنى الغائب هنـــــــــا

الأربعاء، 11 أغسطس 2010

موجز رأس المال 6


--------------

الفصل الرابع: إنتاج القيمة الزائدة النسبية


1- مفهوم القيمة الزائدة النسبية:

في يوم عمل معين، لا يمكن زيادة العمل الزائد إلا بتخفيض العمل الضروري، ويمكن بلوغ ذلك أيضا –بمعزل عن تخفيض الأجور إلى أدنى من القيمة- بإنقاص قيمة العمل، أي بتخفيض كلفة وسائل الحياة الضرورية (ص 291-293 «312-315»). ولا يمكن تحقيق ذلك، بدوره، إلا بزيادة القوى الإنتاجية للعمل، وذلك بتطوير نمط الإنتاج نفسه.
ولغرض تخفيض قيمة العمل، يتوجب على الزيادة في القوة المنتجة أن تستولي على تلك الفروع الصناعية التي تقوم منتجاتها بتحديد قيمة قوة العمل –إن وسائل العيش الاعتيادية تعوض عن هذه المنتجات وموادها الأولية.. الخ.
البرهان على أن المنافسة تجعل الزيادة في القوة الإنتاجية تتجلى في تدني سعر السلعة على الصفحات (296-299 «316-319»).
إن قيمة السلع تتناسب عكسيا مع شدة إنتاجية العمل، كما هو الحال أيضا مع قيمة قوة العمل لأنها تتوقف على أسعار السلع. أما القيمة الزائدة النسبية فتتناسب، على العكس من ذلك، طرديا مع شدة إنتاجية العمل (ص 299 «319»).
إن الرأسمالي لا يكترث بالقيمة المطلقة للسلع، بل يهتم فقط بالقيمة الزائدة المندمجة فيها. إن تحويل القيمة الزائدة إلى نقد يتضمن استرداد القيمة التي دفعها سلفا. وما دامت نفس عملية زيادة الإنتاجية تخفض قيمة السلع وترفع القيمة الزائدة التي تحتويها، استنادا إلى الصفحة 299 «320»، يصبح من الواضح لماذا يكد الرأسمالي الذي لا هم له سوى إنتاج القيمة التبادلية، من اجل خفض القيمة التبادلية للسلع.
(راجع. كويسني. ص 300 «320»).
ولهذا فإن الاقتصاد في العمل عبر تطوير القوى الإنتاجية، في الإنتاج الرأسمالي، لا يهدف بأي حال إلى تقليص يوم العمل –إذ أن الأخير قد يتعرض للتمديد. وعليه يمكن لنا أن نقرأ في كتابات الاقتصاديين من طراز ماكلوش، أور، سينيور واضرابهم [71] على إحدى الصفحات: بأن الشغيل مدين بالاعتراف بالجميل لرأس المال نظرا لقيامه بتطوير القوى الإنتاجية، وعلى الصفحة التالية نجد بأنه ينبغي على الشغيل أن يبرهن على اعترافه بالجميل عن طريق العمل 15 ساعة عوضا عن 10 ساعات في المستقبل.
إن الهدف الوحيد لهذا التطوير للقوى الإنتاجية هو تقليص العمل الضروري، وتمديد العمل الزائد من أجل الرأسمالي (ص301 «321»)
2- التعاون:
إن الإنتاج الرأسمالي استنادا إلى الصفحة (288 «309»، يتطلب رأسمالا فرديا كبيرا بما فيه الكفاية لاستئجار عدد كبير من العمال في وقت واحد، ولا يصبح رب العمل رأسماليا مكتمل النمو إلا عندما يكون هو نفسه متحررا تماما من العمل. إن نشاط عدد كبير من العمال في وقت واحد، وفي نفس الحقل من العمل، ولغرض إنتاج نفس النوع من السلعة وتحت أمرة نفس الرأسمالي، تعين تاريخيا ومنطقيا نقطة انطلاق الإنتاج الرأسمالي. (ص 302 «322»). وعلى هذا، لا يوجد بادئ ذي بدء إلا اختلاف كمي قياسا إلى الماضي عندما كان رب العمل الواحد يستأجر عددا أقل من الشغيلة. إلا أن ثمة تحويرا يطرأ في الحال.
إن العدد الكبير من الشغيلة يضمن لرب العمل، سلفا، الحصول على معدل عمل حقيقي، إلا أن الحال ليس كذلك عند رب العمل الصغير الذي يضطر مع ذلك لدفع القيمة الوسطية للعمل. وهذه الفروقات، في حالة الإنتاج الصغير، يعوض بعضها بعضا بالنسبة للمجتمع، ولكن ليس بالنسبة إلى رب العمل الصغير. ولهذا فإن قانون إنتاج القيمة الزائدة لا يتحقق بالنسبة للمنتج الفردي إلا عندما يقوم بالإنتاج كـ : رأسمالي يدفع العديد من الشغيلة للعمل في آن واحد، وهكذا يحرك معدل عمل اجتماعي (ص 203-304 «322-324»).
وبالإضافة إلى ذلك يتحقق التوفير في وسائل الإنتاج عبر الإنتاج الواسع وحده، إن نقص القيمة التي تنقلها مكونات رأس المال الثابت إلى المنتوج تنشأ فقط عن استهلاكها المشترك في سير العمل الجماعي للعديد من الشغيلة. وهذا هو السب الذي تنال به أدوات العمل الصفة الاجتماعية قبل أن ينالها سير العمل نفسه. (والعمل إلى هذا الحد ليس إلا عمليات متشابهة تجري جنبا إلى جنب) (ص 305 «325»).
إن التوفير في وسائل الإنتاج معالج هنا بمقدار ما يتعلق بجعل السلع أرخص مما هي عليه مخفضا بذلك قيمة قوة العمل. أما المدى الذي يغير به النسبة بين القيمة الزائدة وبين الرأسمال الكلي المدفوع سلفا (ث + م) فإنها لن تعالج إلا في الكتاب الثالث. وهذه التجزئة للموضوع تماشى روح الإنتاج الرأسمالي تماما، ما دام هذه الإنتاج يجعل ظروف العمل تواجه الشغيل كشيء، مستقل، ويجعل التوفير في وسائل الإنتاج يبدو للشغيل عملية غريبة ومتميزة لا تعنيه في شيء، وبالتالي ليست له أية علاقة بالطرائق (الأساليب) التي ترفع من إنتاجية قوة العمل التي يستهلكها الرأسمالي.
إن شكل العمل الذي يمارسه عدة أشخاص، في عمل جماعي منسق، يعمل فيه أحدهم إلى جانب الآخر في ذات المهنة، أو في أعمال مختلفة ولكن مترابطة، يسمى بـ: التعاون. (ص 306 «325» ديستوت دي تراسي [72]).
إن المجموع الكلي للقوى الميكانيكية للشغيلة الفرديين، يختلف جوهريا عن القوة الميكانيكية المحتملة التي تنشأ عندما تعمل أيد كثيرة سوية في وقت واحد وفي عمل واحد غير مجزأ (رفع ثقل..الخ).
إن التعاون يخلق، من البداية، قوة إنتاجية هي بذاتها قوة اجتماعية. وبالإضافة إلى ذلك فإن الاتصال الاجتماعي المحض يخلق، في أغلب النشاطات الإنتاجية، روح التفاخر لدى العمال مما يرفع كفاءة كل فرد منهم، بحيث أن 12 عاملا في يوم عمل مشترك يضم 144 ساعة ينتجون عملا أكثر مما ينتجه 12 عاملا في 12 يوما مختلفا، أو أكثر مما ينتجه عامل واحد في 12 يوما متعاقبا (ص 307 «326»).
وعلى الرغم من أن مجموعة من العمال تؤدي نفس العمل، أو أعمالا متشابهة، فإن كل شغيل فرد منهم يمثل طورا مختلفا من سير العمل (سلسلة من الأفراد ينقلون شيئا أحدهم للآخر) حيث يؤدي التعاون من جديد إلى التوفير في العمل. والحال نفسه عند تشييد بناية من عدة جهات في وقت واحد. إن العامل المتحد، أو الشغيل الجماعي، له أيد وعيون من كل الجهات، وهو إلى حد معين، حاضر في كل مكان (307 «327»).
ويتيح التعاون، في سير العمل المعقد، توزيع الأعمال الخاصة وتنفيذها في آن واحد، مقلصا بذلك وقت العمل اللازم لتصنيع المنتوج برمته (ص 307 «327»).
وفي العديد من مجالات الإنتاج، هناك فترات حرجة تتطلب عددا كبيرا من العمال (الحصاد، صيد سمك الرنج. الخ) هنا، التعاون وحده يمكن أن يكون ذا فائدة. (ص 309 «328»).
إن التعاون يوسع حقل الإنتاج، من جهة، ويصبح بالتالي ضروريا للعمل الذي يتطلب اتساعا دائميا لميدان العمل (المجاري، بناء الطرق، تشييد السدود.. الخ) ويؤدي التعاون، من جهة ثابتة، إلى تضييق ميدان العمل بتركيز العمال في مكان عمل واحد مخفضا بذلك التكاليف (ص 310 «328-329»).
إن التعاون، في كافة هذه الأشكال، هو القوة الإنتاجية الخاصة ليوم العمل الواحد، وهو القوة الإنتاجية الاجتماعية للعمل. وتنشأ هذه الصفة الاجتماعية من التعاون نفسه. ففي العمل المشترك المنظم، يزيح الشغيل حدوده الفردية ويطور قابلياته.
والآن، لا يمكن للعمال المأجورين أن يتعاونوا ما لم يقم، نفس الرأسمالي باستخدامهم في آن واحد، ويدفع لهم أجورهم، ويزودوهم بأدوات العمل. ولهذا فإن مدى التعاون يتوقف على مقدار رأس المال الذي يمتلكه الرأسمالي. إن ضرورة توفر مقدار معين من رأس المال لدى شخص ما لجعله رأسماليا تصبح الآن الشرط المادي لتحويل الأعمال العديدة المبعثرة والمستقلة عن بعضها البعض إلى سير عمل اجتماعي موحد. وبنفس الطريقة، كانت هيمنة رأس المال على العمل، إلى الآن، مجرد نتيجة شكلية للعلاقة بين رأس المال والعمل، أما الآن فقد أضحت الشرط الضروري المسبق لسير العمل نفسه، فالرأسمالي يمثل التوحدي القائم في سير العمل. إن السيطرة على العمل، في التعاون، تصبح وظيفة رأس المال، وفي هذه الوظيفة يكتسب رأس المال خصائص معينة. (ص 312 «330»). وتماشيا مع هدف الإنتاج الرأسمالي (تحقيق أكبر قدر من ممكن من التوسيع الذاتي لرأس المال)، فإن هذا التسيير للعمل هو في نفس الوقت أداء أكبر استثمار ممكن للعمل الاجتماعي، ومن هنا فإنه يشتمل على العداء المحتوم بين المستغِل والمستغَل، إضافة إلى مراقبة الانتفاع المناسب بأدوات العمل. وأخيرا فإن العلاقة بين العمال العديدين تكمن خارجا عنهم، في رأس المال، بحيث أن وحدتهم الخاصة تجابههم باعتبارها سلطة الرأسمالي، باعتبارها إرادة خارجية، وهكذا فإن سيطرة راس المال مزدوجة:
(1) عمل اجتماعي لإنتاج المنتوجات. (2) عملية توسيع رأس المال لنفسه. وهو في شكله استبدادي. إن هذا الاستبداد يخلق أشكاله الخاصة به: إذ أن الرأسمالي المتحرر لتوه من العمل الفعلي بنفسه يسلم الآن الإشراف المباشر بيد مجموعة منظمة من الضباط وضباط الصف الذين هم بدورهم عمال مأجورين لرأس المال. في نظام العبودية (الرق) يحسب الاقتصاديون مصاريف الإشراف هذه بمثابة مصروفات إضافية faux fraix [73]، إلا أنهم لا يحددون، إلا بشكل سطحي أن لسيطرة رأس المال نفس الوظيفة، بقدر ما يكيف الاستثمار هذه السيطرة لمتطلباته، وبقدر ما تنشأ عن طبيعة سير العمل الاجتماعي (ص 313-314 «331-332»).
إن قيادة الصناعة تصبح من اختصاص رأس المال، مثلما أن وظائف الجنرالات والقضاة في الفترات الإقطاعية من اختصاص الملاك العقاريين. (ص314 «332»).

إن الرأسمال يشتري 100 قوة عمل فردية، وينال بالمقابل مائة قوة عمل موحدة. إلا انه لا يدفع لقاء مائة قوة عمل موحدة. وعندما يدخل الشغيلة العمل الجماعي الموحد، يكفون عن كونهم أفرادا، إنهم يندمجون في راس المال.ولهذا تظهر القوة الاجتماعية المنتجة للعمل على أنها القوة المنتجة الكامنة في رأس المال. (ص 315 «332»).
أمثلة عن التعاون لدى المصريين القدماء على الصفحة (316 «333-334»).
إن التعاون البدائي، في بدايات الحضارة لدى الشعوب التي كانت تعيش على الصيد، ولدى البدو الرحل وفي المجتمعات الهندية يستند على (1) الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج (2) الارتباط الطبيعي للفرد بقبيلته أو مجتمعه البدائي.
أما التعاون المعزول المؤقت في العصور القديمة والقرون الوسطى، وفي المستعمرات الحديثة، فهو مؤسس على السلطة والعنف المباشرين، وأغلبه قائم على (الرق) العبودية. ولكن التعاون في الإنتاج الرأسمالي يفترض، على العكس من ذلك، وجود الشغيل المأجور الحر. ويظهر هذا التعاون، من ناحية تاريخية، في تعارض مباشر مع الاقتصاد الفلاحي والإنتاج الحرفي المشتت (سواء كان منظما في طوائف أو لم يكن)، وبهذا الخصوص يظهر التعاون كشكل تاريخي خاص ومتميز بعملية الإنتاج الرأسمالي. وهو أول تغيير يمر به سير العمل بعد خضوعه لرأس المال. ولهذا يحدث في الحال ما يلي: (1) يقوم نمط الإنتاج الرأسمالي نفسه كشرط تاريخي لتحويل سير العمل إلى عملية اجتماعية. (2) يقدم الشكل الاجتماعي لسير العمل نفسه كطريقة رأسمالية لاستغلال العمل بفائدة أكبر، وذلك بزيادة إنتاجيته. (ص 317 «335»).
إن التعاون، بالحدود التي تمت بها معالجته، وبشكله الأولي، يتطابق مع الإنتاج الكبير، إلا أنه لا يؤسس لنفسه شكلا ثابتا خاصا بمرحلة تاريخية معينة للإنتاج الرأسمالي، وما يزال التعاون قائما اليوم حيثما يعمل رأس المال بشكل واسع دون أن يكون هناك تقسيم للعمل، وبدون أن تلعب الآلة دورا مهما. وهكذا، على الرغم من أن التعاون هو الشكل الأساسي للإنتاج الرأسمالي بأكمله، فإن شكله الأولي يبدو كشكل خاص إلى جانب أشكاله الأخرى الأكثر تطورا (ص 318 «335»).
3- المانيفاكتورة وتقسيم العمل.
المانيفاكتورة هي الشكل الكلاسيكي للتعاون القائم على أساس تقسيم العمل، وقد كانت سائدة من سنة 1550 وحتى 1770، وهي تنشأ:
1) إما بتجميع حرف مختلفة يؤدي كل منها جزءا تفصيليا من العمل (مثال صنع العربات [74] حيث يفقد الحرفي المنفرد قدرته، شيئا فشيئا، على ممارسة حرفته برمتها، ويكتسب من جهة ثانية مهارة أفضل في عمله الجزئي. وهكذا تنقسم كامل العملية إلى مكوناتها الجزئية. (ص 318، 319 «336-337»).
2) أو بأن يقوم العديد من الحرفيين بأداء أعمال متشابهة، أو القيام بنفس العمل على شكل جماعة موحدة في المعمل نفسه، ولكن عوضا عن إنجاز الأعمال الفردية واحدة بعد أخرى من قبل شغيل واحد، يتم تجزئتها بشكل تدريجي إلى أن يجري تنفيذها من قبل عمال متعددين في وقت واحد (صناعة الإبر..الخ) وبدلا من أن يكون المنتوج نتاج حرفي واحد، يصبح الآن نتاج عمل مجموعة من الحرفيين الذين لا يؤدي أحد منهم سوى جزء تفصيلي من العملية. (ص 319، 320 «337-338»).
ولكلتا الحالتين نتيجة واحدة قوامها: جسم إنتاجي أعضاؤه كائنات بشرية. إلا أن العمل يظل ذا طبيعة حرفية لأن كل جزء من العمل الذي يمر به المنتوج ينبغي أن يكون إنجازه بواسطة اليد، ومن هنا يستبعد أي تحليل علمي حقيقي لسير الإنتاج. إن كل فرد من الشغيلة مقيد تماما بوظيفة جزئية بسبب الطبيعة الحرفية للعمل (ص 321 «337-339»).
وبهذه الطريقة يتم توفير العمل بالمقارنة مع العمل الحرفي، ويزداد هذا التوفير أكثر فأكثر بالانتقال إلى الأجيال اللاحقة. وهكذا يتطابق تقسيم العمل في المالنيفاكتورة مع نزوع المجتمعات السابقة لجعل الحرفة وراثية. طوائف ونقابات الحرفيين على الصفحات (ص 322 «339-340»). ويجري تقسيم ثانوي للأدوات من خلال تكييفها لمختلف العمليات الجزئية، 500 نوع من المطارق في برمنغهام. (ص 323-324 «341»).
إن المانيفاكتورة، إذا عولجت من زاوية تركيبها العام، ذات وجهين: إما مجرد تجميع ميكانيكي لمنتجات جزئية مستقلة (صناعة الساعات) [75]، أو سلسلة من العمليات المتصلة التدريجية في محل عمل واحد (الإبر) [76].
إن كل مجموعة من العمال، في المانيفاكتورة، تجهز المجموعة الأخرى بالمادة الأولية، وينجم عن هذا شرط أساسي، إذ يتوجب على كل مجموعة أن تنتج كمية معينة في وقت معين، فنحصل بذلك على استمرارية وانتظام وتناسق وشدة عمل من نوع مختلف تماما عما يخلقه التعاون في الحرفة المستقلة.
وهكذا نحصل على القانون التكنيكي لعملية الإنتاج: أن يكون العمل هو العمل الضروري اجتماعيا. (ص 329 «345»).
إن عدم تساوي الوقت اللازم لكل عملية فردية في المانيفاكتورة يجعل من الضروري أن تكون مجموعات العمال المختلفة ذات أحجام وأعداد مختلفة (في سباكة الحروف يلزم 4 سباكين وكسارين اثنين ودلاكا واحدا [77]).
وهكذا تقيم المانيفاكتورة نسبة رياضية ثابتة لكميات الأعضاء العديدة التي يتألف منها الشغيلة الجماعي، وعندها لا يمكن توسيع الإنتاج إلا باستخدام مركب إضافي من المجموعة بأكملها. وبالإضافة لذلك فإن وظائف: المراقبة ونقل المنتوجات من مكان لآخر..الخ.. لا تصبح وظائف منفصلة ومستقلة يشغلها عمال خصوصيون إلا بعد بلوغ الإنتاج مستوى معينا من التطور (ص 329، 330 «346»).
إن دمج المانيفاكتورات المتعددة في مانيفاكتورة موحدة يحدث أيضا، إلا أنها تفتقر، في هذه المرحلة دائما، إلى الوحدة التكنيكية الفعلية، الأمر الذي لا يتحقق إلا بظهور الآلة. (ص 331 «347-348»).
ظهرت الآلات بشكل مبكر في مانيفاكتورة متفرقة –مطاحن الحبوب ومصانع الورق..الخ.. ولكن الآلة كانت شيئا ثانويا. إن الآلة الرئيسية في المانيفاكتورة هي العامل الجماعي المندمج الذي يمتلك درجة من الكمال أعلى من العامل الحرفي المنفرد القديم. إن كل نواقص الحرفي التي تزداد وتتطور بالضرورة عند تقسيم العمل، تصبح في المانيفاكتورة الكمال بعينه (ص 333 «348-349»).
وتخلق المانيفاكتورة فروقات بين العمال الجزئيين [78] وتقسمهم إلى عمال ماهرين وعمال غير ماهرين، بل إنها تؤسس نظاما للمراتب وسلما متدرجا للأجور. (ص 334 «349»).
تقسيم العمل:
1) عمل عام ينقسم إلى زراعة وصناعة ونقل بحري..الخ..
2) عمل خاص (ينقسم إلى أنواع ثانوية).
3) عمل تفصيلي (في الورشة).
إن التقسيم الاجتماعي للعمل ينمو، كذلك، من نقاط انطلاق مختلفة:
1- في العائلة والقبيلة هناك تقسيم طبيعي للعمل وفقا لاختلافات السن والجنس. زائدا الاسترقاق الناشئ عن استخدام العنف ضد القبائل المجاورة، مما يوسع تقسيم العمل (ص 335 «351-352»).
2- في المجتمعات المختلفة: حسب موقعها ومناخها ومستواها الحضاري يجري إنتاج منتوجات مختلفة يتم تبادلها حيثما تتصل هذه المجتمعات ببعضها البعض (ص 349 «387»).
إن التبادل مع المجتمعات الأجنبية هو، إذن، أحد الوسائل الرئيسية في تحطيم الترابط الطبيعي للمجتمع نفسه عبر التطوير اللاحق للتقسيم الطبيعي للعمل (ص336 «352»).
إن تقسيم العمل في المانيفاكتورة يفترض، على هذا، درجة معينة من تطور التقسيم الاجتماعي للعمل، كما أن المانيفاكتورة تؤدي، من جهة أخرى، إلى تطوير التقسيم الاجتماعي للعمل –كما هو الحال في التقسيم الإقليمي للعمل [79] (ص 337-338 «352-353»).
ومع هذا، فإن هناك على الدوام هذا الفرق بين التقسيم الاجتماعي للعمل وبين تقسيم العمل في المانيفاكتورة وهو: أن التقسيم الأول ينتج بالضرورة سلعا، بينما العمل الجزئي لا ينتج سلعا. من هنا التركيز والتنظيم في الأخيرة (المانيفاكتورة) مقابل التبعثر والفوضى الناجمتين عن المنافسة في الأول (التقسيم الاجتماعي) (ص 339، 341 «354-356»).
التنظيم السالف للمجتمعات الهندية (ص 341، 342).
الطوائف المهنية (ص343-344 «357-359»). وفي حين أن تقسيم العمل في هذه الفترات يكون قائما في المجتمع، فإن تقسيم العمل في المانيفاكتورة هو الشكل الخاص الذي ابتدعه الإنتاج الرأسمالي.
إن الكائن الحي العامل لأداء وظيفته هو شكل وجود رأس المال في التعاون البسيط كما في المانيفاكتورة. ولهذا فإن القوة الإنتاجية الناشئة عن دمج العمال تبدو وكأنها القوة الإنتاجية لرأس المال. ولكن على حين أن التعاون يُبقي على أسلوب العمل الفردي بأكمله دون تغير، فإن المانيفاكتورة تقوم بتثويره، ويصبح العامل كسيحا، عاجزا عن صنع المنتوج بصورة مستقلة. إنه الآن مجرد ذيل لمعمل الرأسمالي. إن قدرته (الذهنية) تضمحل في جوانب عديدة، وتتوسع في مجال مهارة واحدة. ونتيجة للتقسيم المانيفاكتوري للعمل يوضع العمال وجها لوجه إزاء القوة الذهنية لسير العمل بوصفها ملكا لغيرهم وبوصفها قوة تسيطر عليهم. إن عملية عزل الشغيل هذه التي تبدأ في التعاون وتنمو في المانيفاكتورة، تكتمل تماما في الصناعة الحديثة التي تفصل العلم كقوة إنتاجية مستقلة عن العمل، وترغمه على خدمة رأس المال (ص 346 «361»)
مقتظفات إيضاحية (ص 346 «361»).
إن المانيفاكتورة، التي هم تنظيم معين للعمل الاجتماعي من جهة، ليست من جهة أخرى إلا طريقة خاصة لتوليد القيمة الزائدة النسبية (ص 350 «364»).
الدلالات التاريخية (على نفس الصفحة).
إن العقبات المعيقة لنمو المانيفاكتورة حتى في عهدها الكلاسيكي هي قلة عدد غير الماهرين بسبب غلبة الماهرين، قلة عمل النساء والأطفال بسبب مقاومة الرجال، التمسك بقوانين تدريب الحرفة إلى فترات متأخرة، حتى عندما يكون ذلك أمرا زائدا عن اللزوم، والتمردات على العمل ما دام الشغيل الجماعي لا يمتلك حتى تلك اللحظة إطارا مستقلا عن العمال أنفسهم، وهجرة العمال. (ص353، 354 «367-368»). إضافة إلى ذلك، لم يكن بوسع المانيفاكتورة نفسها أن تثوّر الإنتاج الاجتماعي برمته، أو حتى مجرد تسييره. إن أسسها التكنيكية الضيقة أضحت تناقض متطلبات الإنتاج التي خلقتها هي بنفسها، وأصبحت الآلة ضرورية، وكانت المانيفاكتورة قد تعلمت كيف تقوم بصنع هذه الآلة (ص 355 «368»).
4- الآلات والصناعة الحديثة.
آ- الآلة كآلة:
إن الثورة في نمط الإنتاج التي بدأت بـ قوة العهد المانيفاكتوري، تبدأ الآن بـ أدوات العمل.
إن كل الآلات المتطورة تماما تتألف من: 1) المحرك 2) جهاز نقل الحركة 3) الأداة أو الآلة التي تؤدي العمل. (ص 357 «373»).
انطلقت الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر بظهور الآلة العاملة. إن ما يميزها هو أن الأداة فيها –بهذا الشكل المحور أو ذاك- تنتقل من الإنسان إلى الآلة وتشغلها الآلة بإدارة الإنسان.وليس من المهم لدى ظهور الآلة إذا كانت القوة المحركة قوة بشرية أو طبيعية. والفرق الجوهري بين الاثنين هو أن الإنسان
لا يستخدم غير أعضاء جسمه بينما تستطيع الآلة، في حدود معينة، أن تستخدم عددا من الأدوات على قدر الحاجة. (دولاب الغزل اليدوي يستعمل مغزلا واحدا وآلة الغزل من 12 على 18 مغزلا).
وإلى هذا الحد، ليست عجلة الغزل أو القوة التي تديرها، هي التي تتأثر بالثورة الصناعية بل أن المغزل هو الذي يتغير –ويظل الإنسان، في البداية، هو القوة المحركة والقوة التي تعطب بسرعة بذات الوقت وفي كل مكان. إن الثورة التي تحدثها الآلة العاملة، على العكس من ذلك، تجعل من اكتمال الآلة البخارية ضرورة لا مناص منها، وتقوم، من بعد ذلك بتنفيذها (ص359-360 «374-375»). وعلى الصفحات 361-362 «376-377».
في الصناعة الحديثة ثمة نوعان من الآلات:
إما (1) تعاون عدة آلات متشابهة (آلة صنع المغلفات البريدية، أنواع النسيج التي تدمج عمل عدد من العمال الجزئيين بدمج أدوات مختلفة. إن الوحدة التكنيكية في هذه الحالة ناتجة عن النقل والقوة المحركة.
أو (2) نظام الآلات، دمج آلات جزئية مختلفة (معمل الغزل). إن الأساس الطبيعي لذلك هو تقسيم العمل في المانيفاكتورة. ولكن ينشأ في الحال اختلاف جوهري. إن كل عمل جزئي في المانيفاكتورة ينبغي أن يتكيف للشغيل، أما هنا فإن ذلك لم يعد ضروريا، فبالامكان تقطيع سير العمل موضوعيا إلى مكوناته الجزئية، وهذا الأمر متروك للعلم، أو للخبرة العملية المؤسسة عليه، وتتم السيطرة عليه بواسطة الآلات. إن النسبة العددية لمجموعات العمال المختلفة التي تؤدي عملا ما، تتكرر هنا بهيئة نسبة عددية لمجموعات الآلات. (ص 363-366 «378-379»).
إن المعمل، في كلا الحالين، يؤسس جهازا أوتوماتيكيا كبيرا (لم يتم تحسينه إلى هذا المستوى إلا مؤخرا) وهذا هو شكله المناسب (ص 367 «379»). أما أكثر أشكاله اكتمالا فهو الجهاز الاتوماتيكي لصناعة الآلات الذي أدى إلى إزالة الأساس الحرفي والمانيفاكتوري للصناعة الكبرى، وبذلك تمولت الصناعة بأكثر أشكال الآلات اكتمالا. (ص 369-372 «384-386»).
العلاقة بين تثوير الفروع المتعددة للصناعة حتى تطوير وسائل الاتصال على الصفحات (371 «383»).
إن اندماج العمل في المانيفاكتورة شيء ذاتي، أما هنا فثمة كائن حي موضوعي للإنتاج الميكانيكي يجده العامل بمتناول يده، ولا يمكن أن يؤدي وظيفته إلا بالعمل الجماعي، إن الميزة التعاونية للعمل أضحت الآن ضرورة تكنيكية (ص 372 «386»).
إن القوى المنتجة التي تنبثق من التعاون ومن تقسيم العمل لا تكلف الرأسمالي شيئا. كما لا تكلفه القوى الطبيعية: البخار، الماء أي شيء أيضا. والحال نفسه مع القوى الجديدة التي يكتشفها العلم. إلا أن هذه الأخيرة غير قابلة للتحقيق إلا بواسطة أجهزة مناسبة لا يمكن إنشاءها إلا بتكاليف باهظة، وكذلك الآلات العاملة فهي تكلف الرأسمالي أكثر من الأدوات القديمة. غير أن لهذه الآلات حياة أطول، وحقل إنتاج أكبر جدا من الأداة اليدوية، وعليه فإن الآلات تنقل إلى المنتوج كمية أقل من القيمة بالنسبة إلى القيمة التي تنقلها الأداة اليدوية، من هنا فإن الخدمة الجليلة التي تؤديها الآلة (والتي لا تعود إلى الظهور في قيمة المنتوج) أعظم بكثير من خدمة الأداة اليدوية (ص 374-376 «487-390»).
إن انخفاض التكاليف بتركيز الإنتاج، في الصناعة الحديثة، أكبر بكثير من انخفاضها في المانيفاكتورة (ص 375 «388»).
إن أسعار السلع المنجزة تبرهن على أن الآلة قد خفضت تكاليف الإنتاج، وأن مقدار القيمة الناشئ عن أدوات العمل ينمو بصورة نسبية، إلا أنه يهبط بصورة مطلقة. إن إنتاجية الآلة تقاس بمقدار قوة العمل البشري التي تعوض عنها. أمثلة: (377-379 «390-392»).
إذا افترضنا أن محراثا بخاريا يحل محل 150 عاملا يتقاضون أجرا سنويا قدره 3000 جنيه، فإن هذا الأجر السنوي لا يمثل كل العمل الذي أنجزوه، بل يمثل فقط مقدار العمل الضروري –لأنهم يقدمون بالإضافة إلى ذلك عملا زائدا. فإذا كانت كلفة المحراث البخاري 3000 جنيه، فإن هذا المبلغ هو، على أية حال، التعبير بالنقد عن كل العمل المتجسد في المحراث. وهكذا إذا كانت تكاليف الآلة بقدر تكاليف قوة العمل التي تعوض عنها، فإن العمل البشري المتجسد في هذه الآلة هو، على الدوام، أقل بكثير من العمل البشري الذي تعوض عنه الآلة (ص 380 «392»).
إن الآلة كوسيلة لخفض تكاليف الإنتاج، ينبغي أن تكلفنا عملا أقل من العمل الذي تعوض عنه، ولكن لا بد أن تكون قيمة هذه الآلة بالنسبة لرأس المال أقل من قيمة قوة العمل الذي تحل محله. ولهذا فإن الآلات التي لا تكون نافعة في انجلترا قد تكون نافعة في أمريكا (مثال: كسارة الصخر). وعليه، ونتيجة لبعض التقييدات القانونية، فإن الآلات التي لم تكن نافعة لرأس المال من قبل تظهر إلى الوجود على نحو مفاجئ (ص 380-381 «393-394»).
ب- استملاك قوة العمل بواسطة الآلة
ما دامت الآلة تحتوي في ذاتها على القوة المحركة لها، فإن قيمة القوة العضلية تهبط. تشغيل النساء والأطفال يؤدي إلى الزيادة الفورية في عدد العمال المأجورين عبر تجنيد أفراد الأسرة الذين لم يسبق لهم أن عملوا لقاء أجور. وهكذا فإن قيمة قوة عمل رب الأسرة تتوزع على قوة عمل الأسرة برمتها. أي أن هذه القيمة تنخفض. وينبغي الآن أن يقوم أربعة أشخاص بدلا من واحد لا بإنجاز العمل وحده بل لتقديم العمل الزائد أيضا لرأس المال، لكي تتمكن هذه الأسرة الواحدة من العيش. وهكذا فإن درجة الاستغلال تزداد سوية مع ازدياد مادة الاستغلال. (ص 383 «395»).
كان بيع وشراء قوة العمل، في السابق، علاقة بين أشخاص أحرار، والآن يباع القاصرون والأطفال، إن العامل يبيع الآن زوجته وأطفاله –إنه يصبح تاجر رقيق. أمثلة (ص 384-385 «396-397»). التلف الجسماني –فناء أطفال العمال (ص 386 «397-398»). الانحطاط الأخلاقي. (ص 389 «399»).
تشريع قانون عدم استخدام الأطفال قبل إكمال الدراسة الابتدائية ومقاومة مالكي المانيفكتورات على الصفحات (390 «399-400»).
دخول النساء والأطفال إلى الصناعة أخيرا، يسبب انهيار مقاومة العمال الذكور ويخضعهم لاستبداد رأس المال. (ص 391 «402»).
إذا كانت الآلة تقلص وقت العمل الضروري لإنتاج سلعة ما، فإنها تصبح سلاحا فعالا بيد رأس المال لتمديد يوم العمل بعيدا إلى ما وراء الحدود الطبيعية. إنها تخلق شروطا جديدة تمكن رأس المال من تحقيق ذلك من جهة، وتخلق دوافع جديدة للقيام بذلك من جهة أخرى.
إن للآلة حركة لا متناهية، إلا أنها تتقيد بضعف ومحدودية قوة العمل البشري الذي لها العون.
إن الآلة التي تتلف بعمل عشرين ساعة يوميا خلال سبع أعوام ونصف تمتص للرأسمالي نفس الكمية من العمل الزائد الذي تمتصه آلة أخرى تتلف بعمل عشر ساعات يوميا خلال خمسة عشر سنة، إلا أن الأولى تحقق ذلك في نصف الوقت (ص 393 «404»).
التخفيض المعنوي لقيمة الآلة-بالآلات التي تحل محلها [80] يكون أقل خطرا عندما تكون مدة إنتاج القيمة الكلية لهذه الآلة أقصر (ص 394 «404-405»).
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن امتصاص كمية أكبر من العمل بدون زيادة الأموال الموظفة في بناء الآلات، وهكذا ليست القيمة الزائدة وحدها تكبر بإطالة يوم العمل، بل إن النفقات اللازمة للحصول عليها تقل بنفس النسبة. وهذا الأمر كبير الأهمية بقدر ما تسود نسبة رأس المال الثابت على نطاق واسع، كما هو الحال في الصناعة الكبرى (395 «405»).
خلال المرحلة الأولى لظهور الآلة، والتي تكتسب فيها الطابع الاحتكاري تكون الأرباح هائلة، ومن هنا التعطش للمزيد بواسطة التمديد غير المقيد ليوم العمل. إلا أن فوائد احتكار الفرع الصناعي الواحد للآلة يضمحل بدخولها الصناعة على نطاق واسع، ويعود القانون لتوكيد نفسه بأن القيمة الزائدة لا تنبعث من العمل الذي تعوض عنه الآلة، بل من العمل الذي تستخدمه الآلة، أي من رأس المال المتغير ولكن رأس المال المتغير في ظل الإنتاج الآلي يخضع بالضرورة للتقليص بسبب النفقات الباهظة. ثمة إذن تناقض داخلي في الاستخدام الرأسمالي للآلة. فبالنسبة لكتلة معينة من رأس المال تقوم الآلة بزيادة أحد العوامل المنتجة للقيمة الزائدة، أي معدلها وذلك بتخفيض العامل الآخر، أي عدد العمال. وحالما تصبح السلعة المنتجة بواسطة الآلة هي المنظم للقيمة الاجتماعية لجميع السلع الأخرى من ذات النوع، فإن هذا التناقض يظهر إلى النور، ويؤدي من جديد إلى إطالة يوم العمل. (ص 397 «407»).
إلا أن الآلة، في الوقت الذي تسرح العمال الذين حلت محلهم، إضافة إلى تجنيدها النساء والأطفال، تخلق فيضا في السكان العاملين، الأمر الذي يتيح لرأس المال إخضاعهم لقانونه. ومن هنا فإن الآلة تحطم كل القيود الأخلاقية والطبيعية ليوم العمل. ومن هنا تنشأ هذه المفارقة الاقتصادية، وهي أن أكبر الوسائل لتقصير وقت العمل هي نفس الوسائل التي لا تخطئ في تحويل جميع لحظات الحياة للعامل وأسرته إلى وقت عمل مكرس لتوسيع قيمة رأس المال.(398 «408»).
ولقد سبق أن رأينا كيف أن رد الفعل الاجتماعي إزاء ذلك يأتي على شكل تحديد يوم عمل اعتيادي، وبسبب هذا تتطور الآن زيادة شدة العمل. (399 «409»).
في أول الأمر، ومع اتساع التقدم الآلي، تزداد شدة العمل في آن واحد مع تمديد وقت العمل. ولكن سرعان ما يتم بلوغ النقطة التي ينفيان فيها أحدهما الآخر. والأمر، على أية حال، يختلف إذا كان وقت العمل محددا. ففي هذه الحالة لا يمكن للشدة إلا أن تنمو، إذ يمكن في عشر ساعات أداء عمل بقدر ما يتم أداؤه في 12 ساعة أو أكثر، ويقاس يوم العمل الأكثر شدة بالقوة الأعلى التي بلغها، ولا يقاس بمدته وحدها، بل بدرجة شدته (ص 400 «409»). وهكذا ففي خمس ساعات عمل ضروري وخمس ساعات عمل زائد يمكن الحصول على نفس القيمة الزائدة التي نحصل عليها من 6 ساعات عمل ضروري و 6 ساعات عمل زائد ولكن بشدة عمل أوطأ. (ص 400 «410»).
كيف تمت زيادة شدة العمل؟
(هامش 159 ص 401 «ص 411 هامش رقم (1)»). في المانيفاكتورة وفي صناعة الخزف مثلا..الخ.. تمت البرهنة على أن تقليص يوم العمل يكفي وحده لرفع الإنتاجية بصورة هائلة.. وكان ذلك مشكوكا فيه في العمل الآلي. إلا أن ر.غاردنر برهن عليه [81] (ص 401-402 «411-412»).
وحالما يصبح يوم العمل المقصر قانونيا حتى تصبح الآلة وسيلة لاعتصار المزيد من شدة العمل من الشغيل، إما بزيادة ساعة عمل الآلة، أو بتقليل الأيدي التي تعمل بها. أمثلة (403-407 «412-416»). وقائع عن اغتناء أصحاب المعامل وتوسع عدد المعامل لدى تحديد يوم العمل. (ص 407-409 «416-418»).
ج- المعمل في شكله الكلاسيكي.
في المعمل تتولى الآلة استعمال الأداة [82] بالشكل المناسب، وهكذا فإن الفروق المميزة للأعمال المختلفة التي تطورتفيالمانيفاكتورةتصبحهنا لاغية، وتنزع الأعمال المختلفة إلى المساواة أكثر فأكثر، ولا تبقى سوى الفروق في الجنس والسن. إن تقسيم العمل هنا يتخذ شكل توزيع العمال على آلات متخصصة. وليس هناك تقسيم للعمل إلا بين العمال الرئيسيين المنهمكين فعلا في تشغيل الأدوات وبين مساعديهم المطعمين [83] (Feeders) (ويصدق هذا على المغزل المنفرد، وينطبق بدرجة أقل على آلة الغزل القديمة، إلا انه نادرا ما يصح بالنسبة للنول الآلي). وإلى جانب هؤلاء هناك فئة من المشرفين والمهندسين والميكانيكيين والقائمين بالتخزين..الخ وهم فئة لا ترتبط بالمعمل إلا بصورة خارجية (ص 411-412 «420»).
إن ضرورة تهيأة العامل لمتابعة الحركة المستمرة للآلة الاوتوماتيكية يتطلب تدريبه من الطفولة، ولكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال تقييد العامل إلى وظيفة جزئية واحدة طوال حياته كما في المانيفاكتورة. إذ يمكن أن يجري تغيير طاقم العمال الذين يعملون على آلة معينة (نظام المناوبة).
وبسبب الجهد البسيط اللازم للتعلم فإن بالامكان نقل العمال من آلة معينة إلى آلة أخرى. كما أن الخدمات التي يؤديها العمال لرعاية الآلة إما بسيطة جدا أو أن الآلة نفسها تتولى أداء ذلك شيئا فشيئا. ومع هذا يظل تقسيم العمل المانيفاكتوري في البداية، قائما كتقاليد موروثة. وتتحول هذه التقاليد نفسها، إلى سلاح استغلالي فعال بيد رأس المال. ويصبح العامل جزءا من آلة جزئية طوال حياته. (413 «422-423»).
إن الإنتاج الرأسمالي برمته، باعتباره ليس عملا إنتاجيا محضا بل عمل لتوسيع قيمة رأس المال، فإن له هذه الخاصية المشتركة، وهي: ليس العامل هو الذي يستخدم وسائل العمل، بل بالعكس، إن أدوات العمل هي التي تستخدم العامل، إلا أن هذا الانقلاب لا يتحقق على شكل واقع تكنيكي ملموس إلا باستعمال الآلة. وباكتساب أدوات العمل الحركة الاوتوماتيكية فإنها تواجه، بنفسها الشغيل، خلال سير العمل، على أنها رأس المال، ذلك العمل الميت الذي يهيمن ويمتص العمل الحي حتى الجفاف. وتجابهه القوى الذهنية لسير الإنتاج، كذلك، بمثابة سلطة رأس المال على العمل.. إن مهارة الشغيل الجزئية تضمحل كشيء ثانوي إزاء الآلة والعلم والقوى الطبيعية الهائلة، وضخامة العمل الاجتماعي التي تتجسد كلها في النظام الآلي (ص 414-415 «423»).
نظام المصانع الشبيه بنظام الثكنات، قوانين الانضباط في المعمل (ص 416 «424-423»). الشروط المادية للعمل (ص 417-418 «425-427»).
د- العمال يناهضون الآلة ونظام المعامل.
إن هذا الصراع الذي ظهر إلى الوجود منذ انبثاق العلاقات الرأسمالية، يندلع أول الأمر كتمرد مضاد للآلة باعتبارها الأساس المادي لنمط الإنتاج الرأسمالي. ثورة العمال ضد آلات نسج الشرائط والوشاحات (ص 219 «427-428»).
حركة اللوديت [84] (ص 420 «428-429»).
ولا يتوصل العمال إلى التمييز بين الوسائل المادية للإنتاج وبين الشكل الاجتماعي لاستثمارها إلا فيما بعد.
إن تقسيم العمل المحسن في المانيفاكتورة، كان، بالاحرى، وسيلة مثمرة للتعويض عن نقص قدرات العمال. (ص 421 «429»). (التغييرات الفجائية في الزراعة). طرد العمال الزراعيين (ص422 «430»). أما الآلة فإنها تقصي العمال بالفعل، إنها تزاحم العامل بصورة مباشرة. أزمة حائكي النسيج اليدوي. (ص 423 «431»). الحال نفسه في الهند (ص 424 «432»).
إن هذا التأثير يظل مستديما ما دامت الآلة تستولي باستمرار على حقول الإنتاج الجديدة. إن الشكل المستقل الذاتي الذي يمنحه الإنتاج الرأسمالي لأدوات العمل ضد الشغيل، يتطور بظهور الآلة إلى عداء مستحكم، ومن هنا ثورة الشغيل ضد أدوات العمل في البداية. (ص 424 «432»).
تفاصيل عن العمال الذين قامت الآلة بإقصائهم (ص 425-426 «433-435»). الآلة كوسيلة لتحطيم مقامة العمال لرأس المال وذلك بطردها إياهم (ص 427-428 «435-437»).
يزعم علماء الاقتصاد الليبراليون أن الآلة بإقصائها العمال تقوم في ذات الوقت بتحرير رأس المال المخصص لاستخدامهم.
ولكن حقيقة الأمر، على أية حال، هي على النقيض من ذلك، لأن أي استخدام للآلات يقيد رأس المال ويخفض جزءه المتغير ويرفع جزءه الثابت، وعليه فإن الآلة لا تفعل شيئا غير تقييد طاقة رأس المال على استخدام العمل المأجور. وفي الحقيقة –وهذا ما يقصده أتباع الاقتصاد البرجوازي- ليس رأس المال هو الذي يتحرر بهذا الأسلوب، بل أن وسائل عيش العمال المطرودين هي التي تتحرر، إن وسائل العيش تقطع عن العمال. وهذا ما يعبر عنه الاقتصاديون البرجوازيون بقولهم أن الآلة تيسر للعامل وسائل العيش. (ص 429-430 «438-439»).
ويتطور هذا الوضع إلى ابعد من ذلك (لحسن حظ صحيفة فورتنايتلي) (ص 431-432 «439-441»). إن العداء الذي لا ينفصم عن الاستخدام الرأسمالي للآلة ليس موجودا في نظر أتباع الاقتصاد البرجوازي، ذلك لأن هذا العداء لا ينبثق عن الآلة كشيء، بل من الطريقة الرأسمالية لاستخدامها.
إن الإنتاج يتوسع بواسطة الآلات، بصورة مباشرة وغير مباشرة، ومن هنا الزيادة الممكنة في عدد العمال المستخدمين حتى الآن: عمال المناجم، العبيد في ولايات القطن..الخ.. ومن جهة ثانية، الاستعاضة عن الاسكتلنديين والايرلنديين بالخراف وذلك لملائمة متطلبات معامل الصوف (ص 433-434 «444-443»).
إن الإنتاج الآلي يوصل التقسيم الاجتماعي للعمل إلى أبعد مما فعلته المانيفاكتورة (ص 435 «444»).
ه- الآلة والقيمة الزائدة
إن النتيجة الأولى للنظام الآلي هي: زيادة القيمة الزائدة سوية مع ازدياد مقدار المنتوجات التي تتجسد فيها، والتي تعيش عليها الطبقة الرأسمالية وحاشيتها، وهكذا يزداد عدد الرأسماليين، وتظهر حاجات جديدة منة الترف مع وسائل إشباعها. وينمو الإنتاج المترف، كما تتطور وسائط المواصلات (التي لا تمتص، على أية حال، سوى جزء من قليل من قوة العمل في البلدان الأكثر تطورا). (شواهد ص 436 «445»)، وأخيرا، نمو طبقة الخدم، عبيد البيوت الحديثين الذين يتم تجهيزهم من قبل المطرودين «من العمال» (ص 437 «446»). إحصائيات. تناقضات اقتصادية (ص 437 «446»).
احتمال الزيادة المطلقة في مقدار العمل، بأحد فروع الأعمال بسبب الآلات، شروط هذه العملية على الصفحات (439-440 «449»).
المرونة الهائلة، قدرة الصناعة الكبرى على التوسيع المفاجئ إلى درجة أعلى من التطور، على الصفحات (441 «450-451»).
نتائج ذلك على البلدان المنتجة للمواد الأولية. هجرة العمال بسبب التسريح من العمل. التقسيم العالمي للعمل إلى دول صناعية وأخرى زراعية. –التكرار الدوري للأزمات والازدهار (ص 442 «451»). دفع وجذب العمال في عملية التوسع هذه. (ص 444 «454»). معلومات تاريخية عن ذلك (ص 445-449 «455-459»).
إلغاء الآلات للتعاون والمانيفاكتورة والمراحل الوسطية الانتقالية (ص 450-451 «459-460»). إلغاء المؤسسات التي لا تعمل وفق نظام المعامل والفروع الصناعية التي لها روح الصناعة الكبرى-الصناعة البيتية: قسم خارجي للمعمل (ص 452 «461»). إن الاستغلال في الصناعة البيتية والمانيفاكتورة الحديثة أكثر (وقاحة) من الاستغلال في المانيفاكتورة القديمة (ص 452 «461»). أمثلة: مطابع لندن (ص 453 «462-463»). تجليد الكتب، تقنية الخرق [85] (ص 454 «463»). صنع الآجر (القرميد) (ص 455 «463-464»). المانيفاكتورة الحديثة بشكل عام (ص 456 «465»). الصناعة البيتية: صنع المخرمات (الدانتيل) (ص 457-459 «466-468»). حياكة القش (ص 460 «468-469»).
الإنتقال من الصناعة البيتية إلى الإنتاج بواسطة المعامل وبلوغ الحدود القصوى لقابلية الاستغلال: كما في صناعة الألبسة بواسطة آلات الخياطة (ص462-466 «470-474»). التعجيل بهذا الانتقال بتوسع قانون المصانع الإلزامي الذي أنهى الروتين القديم الذي يرتكز على الاستغلال غير المقيد (ص 466 «475»).
أمثلة: صناعة الخزف (467 «475-476»). عيدان الثقاب (468 «476»). إضافة إلى ذلك، تأثير قانون المصانع على العمل غير المنظم الناجم عن عادات العمال غير المنتظمة، وعن تباين الفصول والتقاليد. (470 «478»). الشغيل الزائد إلى جانب الكسل في الصناعة البيتية والمانيفاكتورة بسبب تباين الفصول. البنود الصحية في قانون المصانع. (ص 473 «481-480»). البنود الصحية في قانون المصانع. (ص 473 «481-480»). البنود الثقافية (475 «482-483»). طرد العمال بسبب السن، حالما يصيبهم الكبر. إنهم لم يعودوا ملائمين للعمل، وليس بوسعهم العيش على أجور الأطفال، في حين أنهم لم يتعلموا مهنة جديدة في ذات الوقت (477- «484-485»).
نهاية الغموض، ونهاية التحجر التقليدي للمانيفاكتورة والحرفة التقليدية على يد الصناعة الحديثة التي حولت سير الإنتاج إلى تطبيق واع للقوى الطبيعية. ولهذا فإنها وحدها ثورية بالمقارنة مع الأشكال السابقة. (ص 479 «486-487»). إلا أنها كشكل رأسمالي، تدع التقسيم المتحجر للعمل قائما بالنسبة للعامل، وبما أنها تثوّر الأسس السابقة يوميا، فإنها تصيب العامل بالخراب. ومن جهة أخرى، ففي هذا بالذات، في هذا التغيير الضروري في نوع فعالية العامل الواحد ذاته تكمن ضرورة أن يكون العامل متعدد المهارات قدر الامكان، وكما تكمن في ذلك إمكانيات الثورة الاجتماعية (480-481 «487-488»).
الحاجة إلى شمول التشريع الصناعي كافة الفروع التي لا تدخل في صفوف المعامل. (ص 482 هوامش «489»). قانون سنة 1867 (485 «493»). المناجم. هامش (486 «495-503»).
التأثير المركز لقانون المصانع: تعميم الإنتاج بواسطة المعامل، وبذلك يتم تعيين الشكل الكلاسيكي للإنتاج الرأسمالي، احتداد التناقضات الداخلية، ونضوج عناصر تهديم المجتمع القديم، وعناصر بناء الجديد.
(ص 488-493 «498-503»).
الزراعة: إن تسريح العمال بدخول الآلة يكون هنا أكثر حدة بحلول الشغيل المأجور محل الفلاح. خراب المانيفاكتورة البيتية في الريف. احتداد التضاد بين المدينة والريف. ضعف وتبعثر الشغيلة في الريف، في حين يصبح عمال المدن متمركزين، وعليه فإن أجور العمال الزراعيين تنخفض إلى الحد الأدنى. ويتم في نفس الوقت نهب التربة: إن ذروة نمط الإنتاج الرأسمالي هي استنزاف كل مصادر الثروة: التربة والشغيل. (ص 493-496 «504-407»).



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق